نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} (14)

ولما بيّن نفاقهم وعلته وسيرتهم عند دعاء الداعي إلى الحق بهذة الآيات بين سيرتهم في أقوالهم في خداعهم دليلاً على إفسادهم بقوله : { وإذا لقوا } واللقاء{[739]} اجتماع بإقبال { الذين آمنوا } أي حقاً ظاهراً وباطناً ، ولكن إيمانهم كما قال الحرالي{[740]} فعل من أفعالهم لم ينته إلى أن يصير صفة لهم ، وأما المؤمنون الذين صار إيمانهم صفة لهم فلا يكادون{[741]} يلقونهم بمقتضاه ، لأنهم لا يجدون معهم مدخلاً في قول ولا مؤانسة ، لأن اللقاء لا بد فيه من إقبال ما من{[742]} الملتقيين . {[743]}

انتهى { قالوا } خداعاً { آمنا } معبرين بالجملة الفعلية الماضية التي يكفي{[744]} في إفادتها{[745]} لما سيقت له أدنى الحدوث{[746]}

{ وإذا خلوا } منتهين { إلى شياطينهم } أي الذين هم رؤوسهم من غير أن يكون معهم مؤمن ، والشيطان هو الشديد البعد عن محل الخير - قاله الحرالي ، { قالوا إنا معكم }{[747]} معبرين بالأسمية الدالة على الثبات مؤكدين لها دلالة على نشاطهم لهذا الإخبار لمزيد حبهم لما أفاده ودفعاً لما قد يتوهم من تبدلهم من رأى نفاقهم للمؤمنينَ{[748]} ثم استأنفوا في موضع الجواب لمن قال : ما بالكم تلينون للمؤمنين قولهم{[749]} ؟ { إنما نحن مستهزئون } أي طالبون للهُزء{[750]} ثابتون عليه فيما نظهر من الإيمان والهزء إظهار الجد وإخفاء الهزل فيه قاله الحرالي .


[739]:وفي السراج المنير لمحمد الشربيني الخطيب: اللقاء المصادفة وهي الاجتماع من غير مواعدة، يقال لقيته ولاقيته إذا صادفته واستقبلته - الخ
[740]:زيد في ظ: إلى
[741]:في ظ: فلا يكادوا
[742]:كذا والظاهر: بين
[743]:في الأصل: الملتقين –كذا
[744]:من مد وفي ظ: يلقي كذا وفي م: يكفي وفي الأصل: تكفي
[745]:في ظ: أفادتهم
[746]:قال البيضاوي: خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية والشياطين بالجملة الاسمية المؤكدة بأن لأنهم قصدوا دعوى إحداث الإيمان وبالثانية تحقيق ثباتهم على ما كانوا عليه، ولأنه لم يكن لهم باعث من عقيدة وصدق رغبة فيما خاطبوا به المؤمنين ولا توقع رواج ادعاء الكمال في الإيمان على المؤمنين من المهاجرين والأنصار بخلاف ما قالوه مع الكفار - انتهى
[747]:ليست العبارة في ظ
[748]:ليست العبارة في ظ
[749]:ليس في مد
[750]:في مد: للهزو وفي ظ: للهزاء