تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّهُمۡ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ قُبُلٗا} (55)

{ 55 } { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا }

أي : ما منع الناس من الإيمان ، والحال أن الهدى الذي يحصل به الفرق ، بين الهدى والضلال ، والحق والباطل ، قد وصل إليهم ، وقامت عليهم حجة الله ، فلم يمنعهم عدم البيان ، بل منعهم الظلم والعدوان ، عن الإيمان ، فلم يبق إلا أن تأتيهم سنة الله ، وعادته في الأولين من أنهم إذا لم يؤمنوا ، عوجلوا بالعذاب ، أو يرون العذاب قد أقبل عليهم ، ورأوه مقابلة ومعاينة ، أي : فليخافوا من ذلك ، وليتوبوا من كفرهم ، قبل أن يكون العذاب الذي لا مرد له .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّهُمۡ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ قُبُلٗا} (55)

ثم حكى - سبحانه - الأسباب التى منعت بعض الناس من الإِيمان فقال : { وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأولين أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب قُبُلاً } .

والمراد بالناس : كفار مكة ومن حذا حذوهم فى الشرك والضلال والمراد بسنة الأولين : ما أنزله - سبحانه - بالأمم السابقة من عذاب بسبب إصرارها على الكفر والجحود .

والمعنى : وما منع الكفار من الإِيمان وقت أن جاءهم الهدى عن طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم ومن أن يستغفروا ربهم من ذنوبهم ، إلا ما سبق فى علمنا ، من أنهم لا يؤمنون ، بل يستمرون على كفرهم حتى تأتيهم سنة الأولين ، أى : سنتنا فى إهلاكهم بعذاب الاستئصال بسبب إصرارهم على كفرهم .

ويجوز أن يكون الكلام على حذف مضاف ، و " أن " وما بعدها فى قوله { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ } فى تأويل فاعل الفعل { منع } .

والمعنى : وما منع الناس من الإيمان والاستغفار وقت مجئ الهدى إليهم ، إلا طلب إتيان سنة الأولين ، كأن يقولوا - كما حكى الله - تعالى - عن بعضهم : { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السمآء إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } فسنة الأولين أنهم طلبوا من أنبيائهم تعجيل العذاب ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر .

وقوله : { أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب قُبُلاً } بيان لعذاب آخر ينتظرونه .

وكلمة { قُبُلا } قرأها عاصم والكسائى وحمزة - بضم القاف والباء - على أنها جمع قبيل وهو النوع فيكون المعنى : أو يأتيهم العذاب على صنوف وأنواع مختلفة ، ومن جهات متعددة يتلو بعضها بعضا .

وقرأها الباقون : { قِبَلا } - بكسر القاف وفتح الباء - بمعنى عيانا ومواجهة .

والمعنى : أو يأتيهم العذاب عيانا وجهارا ، وأصله من المقابلة ، لأن المتقابلين يعاين ويشاهد كل منهما الآخر .

وهى على القراءتين منصوبة على الحالية من العذاب .

فحاصل معنى الآية الكريمة أن هؤلاء الجاحدين لا يؤمنون ولا يستغفرون إلا حين نزول العذاب الدنيوى بهم وهو ما اقتضته سنة الله - تعالى - فى أمثالهم ، أو حين نزول أصناف العذاب بهم فى الآخرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّهُمۡ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ قُبُلٗا} (55)

47

ثم يعرض الشبهة التي تعلق بها من لم يؤمنوا - وهم كثرة الناس - على مدار الزمان والرسالات :

( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين ، أو يأتيهم العذاب قبلا ) . .

فلقد جاءهم من الهدى ما يكفي للاهتداء . ولكنهم كانوا يطلبون أن يحل بهم ما حل بالمكذبين من قبلهم من هلاك - استبعادا لوقوعه واستهزاء - أو أن يأتيهم العذاب مواجهة يرون أنه سيقع بهم . وعندئذ فقط يوقنون فيؤمنون !