السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّهُمۡ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ قُبُلٗا} (55)

ولما بيّن سبحانه وتعالى إعراضهم بيّن موجبه عندهم فقال تعالى : { وما منع الناس } أي : الذين جادلوا بالباطل الإيمان هكذا كان الأصل ولكنه عبر عن هذا المفعول الثاني بقوله : { أن يؤمنوا } ليفيد التجديد وذمّهم على الترك { إذ } أي : حين { جاءهم الهدى } أي : القرآن على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وعطف على المفعول الثاني معبراً بمثل ما مضى لما مضى قوله تعالى : { ويستغفروا ربهم } أي : لا مانع لهم من الإيمان ولا من الاستغفار والتوبة .

ولما كان الاستثناء مفرغاً أتى بالفاعل فقال : { إلا أن } أي : طلب أن { تأتيهم سنة الأوّلين } أي : سنتنا فيهم وهي الإهلاك المقدّر عليهم { أو } طلب أن { يأتيهم العذاب قبلاً } أي : مقابلة وعياناً وهو القتل يوم بدر ، وقيل عذاب الآخرة وقرأ الكوفيون برفع القاف والباء الموحدة والباقون بكسر القاف وفتح الباء الموحدة .