الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّهُمۡ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ قُبُلٗا} (55)

قوله تعالى : " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى " أي القرآن والإسلام ومحمد عليه الصلاة والسلام " ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين " أي سنتنا في إهلاكهم إي ما منعهم عن الإيمان إلا حكمي عليهم بذلك ، ولو حكمت عليهم بالإيمان آمنوا . وسنة الأولين عادة الأولين في عذاب الاستئصال . وقيل : المعنى وما منع الناس أن يؤمنوا إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين فحذف . وسنة الأولين معاينة العذاب ، فطلب المشركون ذلك ، وقالوا " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك{[10583]} . . . " [ الأنفال :32 ] الآية . " أو يأتيهم العذاب قبلا{[10584]} " نصب على الحال ، ومعناه عيانا قاله ابن عباس . وقال الكلبي : هو السيف يوم بدر . وقال مقاتل : فجأة وقرأ أبو جعفر وعاصم والأعمش وحمزة ويحيى والكسائي " قبلا " بضمتين أرادوا به أصناف العذاب كله{[10585]} ، جمع قبيل نحو سبيل وسبل . النحاس : ومذهب الفراء أن " قبلا " جمع قبيل أي متفرقا يتلو بعضه بعضا . ويحوز عنده أن يكون المعنى عيانا . وقال الأعرج : وكانت قراءته " قُبُلا " معناه جميعا وقال أبو عمرو : وكانت قراءته " قِبَلا " ومعناه عيانا .


[10583]:راجع جـ 7 ص 398.
[10584]:هذه قراءة "نافع" التي كان يقرأ بها المفسر رحمه الله تعالى.
[10585]:في ك: كأنه.