تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ 30-35 } { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

يقول تعالى ، مخوفًا لعباده : { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ } وذلك من كثرة ما ألقي فيها ، { وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } أي : لا تزال تطلب الزيادة ، من المجرمين العاصين ، غضبًا لربها ، وغيظًا على الكافرين .

وقد وعدها الله ملأها ، كما قال تعالى { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } حتى يضع رب العزة عليها قدمه الكريمة المنزهة عن التشبيه ، فينزوي بعضها على بعض ، وتقول : قط قط ، قد اكتفيت وامتلأت .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } أى : اذكر - أيها العاقل - لتتعظ وتعتبر - يوم نقول لجهنم هل امتلأت من كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب ، واكتفيت من كل من جعل معى إلها آخر . .

فترد جهنم وتقول : يا إلهى { هَلْ مِن مَّزِيدٍ } أى : يا إلهى هل بقى شئ منى لم يملتئ من هؤلاء الكافرين ؟ أنت تعلم يا خالقى أنى قد امتلأت ، ولم يبق منى موضع لقدم .

قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : يخبر الله - تعالى - أنه يقول لجهنم يوم القيامة : هل امتلأت ؟ وذلك أنه وعدها أنه سيملؤها من الجِنَّة والناس أجمعين ، فهو - سبحانه - يأمر بمن يأمر به إليهان ويلقى فيها وهى تقول : { هَلْ مِن مَّزِيدٍ } أى : هل بقى شئ تزيدونى ؟ .

هذا هو الظاهر من سياق الآية ، وعليه تدل الأحاديث ، فقد أخرج البخارى عن أنس بن مالك . عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : " يُلْقَى فى النار - الكفرة - وتقول : هل من مزيد ، حتى يضع - سبحانه - فيها قدمه فتقول : قَطْ قَطْ - أى : حسبى حسبى " .

وعن ابن عباس قوله : { وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } أى : وهل فِيَّ من مكان يزاد فِيَّ .

وعن عكرمة قوله : وتقول : { هَلْ مِن مَّزِيدٍ } وهل فىَّ مدخل واحد ؟ قد امتلأت .

وقال الشوكانى : وهذا الكلام على طريق التخييل والتمثيل ولا سؤال ولا جواب . كذا قيل : والأَوْلَى أنه على طريقة التحقيق ، ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع .

قال الواحدى : أرادها الله تصديق قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } . فلما امتلأت قال لها : { هَلِ امتلأت وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } أى : قد امتلأت ولم يبق فى موضع لم يمتلئ . وقيل : إن هذا الاستفهام بمعنى الاستزادة . أى : إنها تطلب الزيادة على منقد صار فيها .

. والمزيد إما مصدر كالمحيد . أو اسم مفعول كالمنيع ، فالأولى بمعنى : له من زيادة . والثانى بمعنى هل من شئ تزيدونيه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

16

بهذا ينتهي مشهد الحساب الرهيب بهوله وشدته ؛ ولكن المشهد كله لا ينتهي ، بل يكشف السياق عن جانب منه مخيف :

( يوم نقول لجهنم : هل امتلأت : وتقول : هل من مزيد ? ) .

إن المشهد كله مشهد حوار . فتعرض جهنم فيه في معرض الحوار وبهذا السؤال والجواب يتجلى مشهد عجيب رهيب . . هذا هو كل كفار عنيد . مناع للخير معتد مريب . . هؤلاء هم كثرة تقذف في جهنم تباعا ، وتتكدس ركاما . ثم تنادى جهنم : ( هل امتلأت ? )واكتفيت ! ولكنها تتلمظ وتتحرق ، وتقول في كظة الأكول النهم : ( هل من مزيد ? ! ) . . فيا للهول الرعيب !