بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَىٰٓ إِلَّا ذُرِّيَّةٞ مِّن قَوۡمِهِۦ عَلَىٰ خَوۡفٖ مِّن فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِمۡ أَن يَفۡتِنَهُمۡۚ وَإِنَّ فِرۡعَوۡنَ لَعَالٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (83)

قال الله تعالى : { فَمَا ءامَنَ لموسى } يعني : ما صدَّق بموسى { إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ } يعني : قبيلته من قومه الذين كانت أمَّهاتهم من بني إسرائيل ، وآباؤهم من القبط . وروى مقاتل ، عن ابن عباس أنه قال : { إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ } ، يعني : من قوم موسى عليه السلام وهم بنو إسرائيل ، وهم ستمائة ألف . قال : وكان يعقوب حين ركب إلى مصر من كنعان في اثنين وسبعين إنساناً ، فتوالدوا بمصر حتّى بلغوا ستمائة ألف . ويقال : { إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ } ، يعني : خربيل وهو الذي قال في آية أُخرى : { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمانه أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّىَ الله وَقَدْ جَآءَكُمْ بالبينات مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كاذبا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صادقا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الذى يَعِدُكُمْ إِنَّ الله لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } [ غافر : 28 ] .

ثم قال : { على خَوْفٍ مّن فِرْعَوْنَ وملائهم } يعني : فما آمن لموسى عليه السلام خوفاً من فرعون { وَمَلَئِهِمْ } إشارة إلى فرعون بلفظ الجماعة ، كقوله : { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فاعلموا أَنَّمَآ أُنزِلِ بِعِلْمِ الله وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } [ هود : 14 ] يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم خاصة { أَن يَفْتِنَهُمْ } يعني : يقتلهم { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرض } يعني : لَعات . ويقال : الغالب ، ويقال : المخالف ، والمتكبر في أرض مصر { وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين } يعني : لمن المشركين . روى موسى بن عبيدة ، عن محمد بن المنكدر ، قال : عاش فرعون ثلاثمائة سنة ، منها مائتين وعشرين سنة لم ير مكروهاً ، ودعاه موسى عليه السلام ثمانين سنة .