بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قِيلَ يَٰنُوحُ ٱهۡبِطۡ بِسَلَٰمٖ مِّنَّا وَبَرَكَٰتٍ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ أُمَمٖ مِّمَّن مَّعَكَۚ وَأُمَمٞ سَنُمَتِّعُهُمۡ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ} (48)

قوله تعالى : { قِيلَ يا نُوحٌ اهبط بسلام مّنَّا } يعني : انزل من السّفينة مسلّماً من عذابنا ، وغرقنا . ويقال : بسلام عليك ، كما قال : { سلام على نُوحٍ فِى العالمين } [ الصافات : 79 ] ، { وبركات } يعني : وسعادات { عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ } يعني : الذين كانوا في السفينة معه ، { وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ } يعني : من كان من أهل الشّقاء سنمتِّعهم في الدنيا { ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } يَصِيبهم في الآخرة ، وقَالَ مقاتل : اهبط من السفينة بسلام منا . فسلمه الله ومن معه من الغرق { وبركات عليك وعلى أمم ممن معك } . يعنى بالبركة إنهم توالدوا وكثروا { وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ } ، وهم قوم هود ، وشعيب ، ولوط .

وقال محمد بن كعب القرظي في قوله : { اهبط بسلام مّنَّا وبركات عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } قال : دخل في السلام والبركة ، كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ، ودخل في المتاع والعذاب ، كل كافر إلى يوم القيامة . ويقال : إنهم لمَّا خرجوا من السفينة ، بنوا مدينة وسموها : مدينة ثمانين ، ويقال : ماتوا كلهم ، ولم يكن منهم نسل ، إلا من أولاد نوح ، وكان له ثلاثة بنين سام وحام ويافث ، سوى الذي غرق كما قال في موضع آخر : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين } [ الصافات : 77 ] .