بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ أُكُلُهَا دَآئِمٞ وَظِلُّهَاۚ تِلۡكَ عُقۡبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْۚ وَّعُقۡبَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ} (35)

قوله تعالى : { مَّثَلُ الجنة التى وُعِدَ المتقون } قال بعضهم : المثل هنا أراد به الصفة ، ولم يرد به التشبيه ، لأنه قد ذكر من قبل حديث الجنة ، وهو قوله تعالى : { لِلَّذِينَ استجابوا لِرَبِّهِمُ الحسنى والذين لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِى الارض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أولئك لَهُمْ سواء الحساب وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المهاد } [ الرعد : 18 ] وقال بعد ذلك : { جنات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ وأزواجهم وَذُرِّيَّاتِهِمْ والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } [ الرعد : 23 ] ثم بيّن ههنا صفة الجنة . فقال : { مَّثَلُ الجنة } يعني : صفة الجنة { التى وُعِدَ المتقون } ، الذين يتقون الشرك والفواحش . روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقرأ { مَّثَلُ الجنة التى وُعِدَ المتقون } يعني : صفاتها وأحاديثها { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار أُكُلُهَا دَائِمٌ } يعني : نعيمها لا ينقطع عنهم أبداً { وِظِلُّهَا } يقول : وهكذا ظلها دائم أبداً ، ليس فيها شمس . وقال بعضهم : أراد به التشبيه ، لأن الله عرفنا أمور نعيم الجنة ، التي لم نراها ، ولم نشاهدها بما شاهدنا من أمور الدنيا ، ومعناه : { مَّثَلُ الجنة التى وُعِدَ المتقون } جنة تجري من تحتها الأنهار .

ثم قال : { تِلْكَ عقبى الذين اتقوا } يعني : تلك الجنة ، جزاء الذين اتقوا الشرك ، والفواحش { وَّعُقْبَى الكافرين النار } يعني : مصيرهم ، وجزاؤهم النار .