بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ تِسۡعَ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۖ فَسۡـَٔلۡ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِذۡ جَآءَهُمۡ فَقَالَ لَهُۥ فِرۡعَوۡنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰمُوسَىٰ مَسۡحُورٗا} (101)

قوله : { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى تِسْعَ ءايات بَيّنَاتٍ } ، أي علامات واضحات ، مضيئات بالحجة عليهم وهاديات ، إذ جاءهم موسى بالبينات . وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن ابن عباس في قوله : { تِسْعَ ءايات بَيّنَاتٍ } ، وهي في سورة الأعراف { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءالَ فِرْعَوْنَ بالسنين وَنَقْصٍ مِّن الثمرات لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [ الأعراف : 130 ] قال : السنين لأهل البوادي ، ونقص الثمرات لأهل القرى ، فهاتان آيتان . والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، وهذه خمسة ؛ ويد موسى إذ أخرجها بيضاء من غير سوء ، وعصاه إذ ألقاها فإذا هي ثعبان مبين .

قال الفقيه : حدّثنا الخليل بن أحمد قال : حدّثنا أبو موسى محمد بن إسحاق وخزيمة قالا : حدّثنا علي بن حزم بن حشرم قال : حدّثنا عيسى بن يونس ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن صفوان بن عسال قال : قال يهودي لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا النبي ، فنسأله عن هذه الآيات : { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى تِسْعَ ءايات } . فقال : لا تقل نبي ، فإنه لو سمعها صارت له أربعة أعين . فأتوه فسألوه ، فقال : « ألاّ تُشْرِكُوا بالله شَيْئاً ، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلاَّ بِالحَقِّ ، وَلا تَسْرِقُوا ، ولاَ تَزْنُوا ، وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا ، وَلا تَسْحَرُوا ، وَلا تَقْذِفُوا مُحْصَناً أو قال : ولا تَفِرُّوا يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَلا تَمْشُوا بَبرِيءٍ إلى سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يا مَعْشَرَ اليَهُودِ ألا تَعْتَدوا فِي السَّبْتِ » . فقبَّلا يديه ورجليه وقالوا نشهد إنك نبي الله ورسوله . فقال : « وَمَا يَمْنَعُكُمَا أنْ تُسْلِمَا ؟ » فقالا : إن داود دعا ربه ألاَّ يزال في ذريته نبي ، فنخاف أن يقتلنا اليهود .

ثم قال تعالى : { فاسأل بَنِى إسراءيل } ، يعني : سل مؤمني أهل الكتاب عن هذه الآيات . { إِذْ جَاءهُمُ } ، يعني : حين جاءهم موسى ، { فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنّى لاظُنُّكَ ياموسى *** موسى *** مَّسْحُورًا } ؛ أي مغلوب العقل .