الآية101 : وقوله تعالى : { ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات } هذا ، والله أعلم ، في ما آتاه من الآيات ، وأمره أن يحاج فرعون ، وإلا كانت آيات موسى عليه السلام أكثر من تسع ؛ كأنها تبلغ عشرين ، وتزداد عليه ؛ إذ كان في عصاه أربع من الآيات : إحداهما : حين{[11280]} ضرب بها البحر{ فانفلق } ( الشعراء : 63 ) . ( والثانية حين ضرب بها الحجر{ فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا } ( البقرة : 60 ) والثالثة : حين{[11281]} ألقاها { فإذا هي ثعبان مبين }( الأعراف : 107 ) والشعراء : 32 ) والرابعة : حين ){[11282]} تلفقت حبالهم وعصيهم { فإذا هي تلقف ما يأفكون } ( الشعراء : 45 ) وأمثالها{[11283]} ، فإنها تبلغ إلى ما ذكرنا . لكنه ذكر تسع ا( لآيات البينات ){[11284]} التي أمره الله تعالى أن يحاج بها فرعون وقومه .
وقوله تعالى : { بينات }أنها من عند الله جاءت ، وأنها ليس من البشر ، وأنها سماوية ، أو{ بينات } أي{[11285]} مبينات ما تُبِيِّنُ صدق موسى في جميع ما يخبر ، ويقول ، ويبين عدله في حكمه وفعله ، لأن في آيات الرسل يحتاج إلى هذا : تبين للناس صدقهم في قولهم وعدلهم في حكمهم لأنهم يدعون إلى عبادة الله والطاعة له . وذلك يوجبه{[11286]} على كل عقل وطبع سليم . فالحاجة إلى الآيات ليست إلا لصدقهم/310-ب/وعدلهم في حكمهم .
ثم اختلفت الآيات . قال بعضهم : العصا واليد والحجر والطمس والخمس التي ذكر في سورة { آلمص }{[11287]} وهي{[11288]} قوله : { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم } ( الآية : 133 ) .
وقال بعضهم : الخمس التي ذكر في سورة { آلمص } والعصا والموت الذي أرسل عليهم واليد البيضاء وانفلاق البحر .
وقال بعضهم : إنما الخمس التي ذكر في سورة { آلمص } واليد وحل العقدة التي بلسانه ، وفي العصا آيتان .
وقال ابن عباس رضي الله عنه والسِّنُون ونقص من الثمرات .
ثم منهم من يجعل السنين ونقصا من الثمرات آية واحدة ( ومنهم ){[11289]} من يجعلها آيتين . وكذلك العصا : منهم من يجعلها{[11290]} لآية واحدة ، ومنهم من يجعلها{[11291]} آيتين . ومنهم من يعد الطمس ، ومنهم من يَعُدُّ .
ونحن نجعل العصا آية واحدة ، والسنين ونقصا من الثمرات آية واحدة ، والطمس آية ، والخمس التي ذكرت في سورة { آلمص } فتكون ثماني ، وتكون التاسعة قوله تعالى : { هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر } ( الإسراء : 102 ) لأنه { قال لقد علمت } أنها آيات ، ولم يكذبه ( فرعون ، ولم يستقبله بشيء يكذبه ){[11292]} في قوله ، وهو ما قال : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } ( النمل : 14 ) أخبر أنهم جحدوا بها بعدما استيقنوا أنها آيات ، وأنها آيات وحجج ظلما وعلوا .
وما روى صفوان بن عسال المُراديُّ أنه قال : إن يهوديين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع الآيات{[11293]} التي ذكر أنه آتاها موسى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا ، ولا تسحروا ، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ، فيقتله ، ولا تأكلوا الربا ، ولا تقذفوا محصنة ، ولا تفروا من الزحف ، وعليكم خاصة يا يهود ألا تَعْدَوا في السبت . قال : فقبلا يديه ورجليه . وقالا : نشهد أنك نبي الله ، فقال : عليه السلام : فما يمنعكما أن تسلما ؟ قالا : إنا أن أسلمنا يقتلنا اليهود )( أحمد 4/239 ) .
فإن ثبت هذا الخبر عنه فلا يجوز أن يتعدى إلى غيره من التأويل .
وقوله تعالى : { فسئل بني إسرائيل إذ جاءهم } يعني موسى صلوات الله على نبينا وعليه .
قال بعضهم : أمر رسولنا صلى الله عليه وسلم أن يسأل بني إسرائيل الآيات التسع التي كانت في كتبهم على التقرير عندهم ( ليعلموا ){[11294]} أنه إنما عرف ذلك بالله ، وأنه رسول ( لأنه كان يعرف ){[11295]} تلك الآيات في كتبهم بغير لسانه ، وكان لا يخظ بيده ، ولا كان اختلف إلى أحد منهم ليعرف ذلك . فدل أنهم علموا أنه إنما عرف ذلك بوحي السماء .
وقال بعضهم : ليس هو على الأمر أن يسألهم ذلك . ولكن لو سألتهم لأخبروك عنها كقوله : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }( النحل : 43 ) .
وقوله تعالى : { فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا } في عقلك ، أي سحرت ، والمسحور هو المغلوب في العقل . وقولهم متناقض لأنهم قالوا مرة : ساحر ، ومرة : مسحور . فالساحر هو الذي يبلغ بالبصيرة غايته ، والمسحور المغلوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.