بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلِكُلّٖ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَاۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ أَيۡنَ مَا تَكُونُواْ يَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (148)

{ وَلِكُلّ وِجْهَةٌ } أي قبلة . والوجهة والجهة والوجه بمعنى واحد . أي لكل ذي ملة قبلة { هُوَ مُوَلّيهَا } ، أي مستقبلها . وقيل : لكل دين وملة قبلة { هو موليها } . قرأ ابن عامر : «وَهُوَ مُوَلاَّهَا » والباقون بالكسر أي هو بنفسه موليها يعني الله مولاها وقال مقاتل : لكل أهل ملة قبلة هم مستقبلوها يريدون بها وجه الله تعالى . { فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } ، أي قال لهذا الأمة : استبقوا بالطاعات . وهذا كما قال في آية أخرى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فاحكم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الحق لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً ومنهاجا وَلَوْ شَاءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة ولكن لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آتاكم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [ المائدة : 48 ] ، أي جعلنا لكل قوم شريعة وسبيلاً ، فإذا أخذوا بالسنة والمنهاج رضي عنهم . فأمر الله تعالى أهل هذه الشرائع أن يستبقوا الخيرات في الأعمال الصالحة ، فقال تعالى : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ } في الأرض { يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعًا } ، يعني يقبض أرواحكم ويجمعكم يوم القيامة .

وقال مجاهد { وَلِكُلّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلّيهَا } أمر كل قوم بأن يحولوا وجوههم إلى الكعبة . ويقال : ولكل أمة قبلكم قبلة أمرتهم بأن يستقبلوها { فاستبقوا الخيرات } يقول : بادروا الأمم بالطاعات . ثم قال تعالى : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ الله } ، يعني يقبض أرواحكم ويجمعكم يوم القيامة . { إِنَّ الله على كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ } ، أي هو قادر على جمعكم يوم القيامة .