بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ بَوَّأۡنَا لِإِبۡرَٰهِيمَ مَكَانَ ٱلۡبَيۡتِ أَن لَّا تُشۡرِكۡ بِي شَيۡـٔٗا وَطَهِّرۡ بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ} (26)

قوله عز وجل : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبراهيم مَكَانَ البيت } ، قال مقاتل : يعني : دللنا لإبراهيم موضع البيت ، فبناه مع إسماعيل عليهما السلام ولم يكن له أثر ولا أساس البيت ، لأن البيت كان أيام الطوفان مرفوعاً ، قد رفعه الله إلى السماء وهو البيت المعمور ؛ وقال الكلبي : { وَإِذْ بَوَّأْنَا } أي جعلنا لإبراهيم مكان البيت يتكلم ، فيقول : بموضع البيت . جعله الله منزلاً لإبراهيم ، بعث الله تعالى سحابة على قدر البيت فيها رأس يتكلم ، فيقول : يا إبراهيم ، ابن على قدري وحيالي ، فأسس عليها البيت ، وذهبت السحابة . ثم بناه حتى فرغ منه ، فأوحى الله تعالى إليه : { أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً } ؛ وقال أبو قلابة : بناه من خمسة أجبل : حراء ، وثبير ، وطور سيناء ، ولبنان ، وجبل أحد ؛ وقال الزجاج : { وَإِذْ بَوَّأْنَا } ، أي جعلنا مكان البيت مبوأ لإبراهيم . والمبوأ المنزل ، يعني أن الله تعالى علم إبراهيم عليه السلام مكان البيت ، فبناه على أسه القديم ، وكان البيت قد رفع إلى السماء . قال : ويروى أن البيت الأول كان من ياقوتة حمراء .

وروي عن ابن عباس أنه قال : رفع السماء إلى السادسة ، يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك ، وهو بحيال الكعبة . ثم قال ؛ { وَطَهّرْ بَيْتِىَ } ، يعني : أوحى الله تعالى إلى إبراهيم أن طهر بيتي من النجاسات ومن عبادة الأوثان { لِلطَّائِفِينَ } ، يعني : لأجل الطائفين بالبيت من غير أهل مكة { والقائمين } ، يعني : المقيمين من أهل مكة { والركع السجود } ، يعني : أهل الصلاة بالأوقات من كل وجه .