ثم قال عز وجل : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ } يعني : أهل مكة . { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } ، يعني : صرفوا الناس عن دين الإسلام . { والمسجد الحرام } ؛ يعني : وعن المسجد الحرام . وهذه الآية مدنية ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج مع أصحابه من الحديبية ، منعهم المشركون عن المسجد الحرام . ثم وصف المسجد الحرام ، فقال : { الذى جعلناه لِلنَّاسِ سَوَاء } ، يعني : عاماً للمؤمنين جميعاً { العاكف فِيهِ والباد } ، يعني : سواء المقيم في الحرم ، ومن دخل مكة من غير أهلهما ؛ ومعناه المقيم والغريب فيه سواء ؛ ويقال : في تعظيمه وحرمته ؛ ويقال : المسجد الحرام أراد به جميع الحرم المقيم وغيره ، في حق النزول سواء . وقال عمر رضي الله عنه : يا أهل مكة ، لا تتخذوا لدوركم أبواباً ، لينزل البادي حيث يشاء . ولهذا قال أبو حنيفة : إن بيع دور مكة لا يجوز . وفي إحدى الروايتين يجوز ، وهذا قول أبي يوسف ، والأول قول محمد . قرأ عاصم في رواية حفص { سَوَآء } بالنصب ، يعني : جعلناه سواء ، وقرأ الباقون { سَوَآء } بالضم على معنى الابتداء .
ثم قال : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ } ، وهو الظلم والميل عن الحق ؛ ويقال : أصله ومن يرد فيه إلحاداً ، فزيد فيه الباء ، كما قال : { تَنبُتُ بالدهن } ، ويقال : من اشترى الطعام بمكة للاحتكار ، فقد ألحد . { بِظُلْمٍ } ، يعني : بشرك أو بقتل . { نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } ، أي مؤلم . قال الزجاج : الإلحاد في اللغة العدول عن القصد ، وقال مقاتل : نزلت الآية في عبد الله بن أنيس بن خطل القرشيّ ، وذلك أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث رجلين أحدهما مهاجريّ ، والآخر أنصاريّ ، فافتخرا في الأنساب ، فغضب عبد الله بن أنس ، فقتل الأنصاري ، ثم ارتد عن الإسلام ، وهرب إلى مكة . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة بقتله ، فقتل . قرأ أبو عمرو : { ***وَالبَادِي } بالياء عند الوصل ، وكذلك نافع في رواية ورش ، وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر بغير ياء في الوصل والقطع ، وقرأ ابن كثير بالياء في الوصل والقطع . وهو الأصل في اللغة . ومن أسقطه ، لأن الكسر يدل عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.