{ زُيّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات } حُسِّن وحُبِّب إليهم ، وقد يكون التزيين من الله تعالى . كما قال في آية أخرى { إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة زَيَّنَّا لَهُمْ أعمالهم فَهُمْ يَعْمَهُونَ } [ النمل : 4 ] كما قال في آية أخرى { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } [ النمل : 24 ] فأما التزيين من الله تعالى ، فهو على وجهين : يكون على جهة الامتحان للمؤمنين مع العصمة ، وقد يكون للكفار على جهة العقوبة مع الخذلان ، وأما التزيين من الشيطان ، فهو على جهة الوسوسة . فقال : { زين للناس حب الشهوات مِنَ النساء والبنين } بدأ بالنساء ، لأن فتنة النساء أشد من فتنة جميع الأشياء .
كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ما تَرَكْتُ لأُمَّتِي فِتْنَةً أَشَدَّ مِنْ فِتْنَةِ النِّسَاءِ » ، ولأن النساء فتنتهن ظاهرة من وقت آدم عليه السلام إلى يومنا هذا .
ويقال : في النساء فتنتان ، وفي الأولاد فتنة واحدة : إحداهما أنها تؤدي إلى قطيعة الرحم ، لأن المرأة تأمر زوجها بقطيعة الرحم عن الأمهات والأخوات . والثانية يبتلي بجمع المال من الحلال والحرام ، وأما البنون ، فإن الفتنة فيهم واحدة ، وهي ما ابتلي به من جمع المال لأجلهم . فذكر البنين وأراد به الذكور والإناث .
وقال بعض الحكماء : أولادنا فتنة إن عاشوا فتنونا ، وإن ماتوا أحزنونا .
ثم قال تعالى { والقناطير المقنطرة مِنَ الذهب والفضة } روي عن الفراء أنه قال : القناطير جمع قنطار ، والمقنطرة جمع الجمع ، فيكون تسع قناطير .
وروي عن أبي عبيدة أنه قال : { المقنطرة } مُفَعَّلة من الورق . كما يقال : ألف مؤلفة ، وبذر مبذرة . ويقال : { المقنطرة } هي المكيلة ، ثم اختلفوا في مقدار القنطار ، فروي عن مجاهد أنه قال : القنطار سبعون ألف دينار . وقال أبو هريرة : القنطار اثني عشر ألف أوقية . وقال معاذ بن جبل : ألف ومائتا أوقية . وقال بعضهم : مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ من ذهب . حكاه الكلبي ، وقال : هو لغة رومية .
وروي عن الحسن البصري أنه سئل عن القنطار ما هو ؟ فقال : هو مثل دية أحدكم .
ثم قال تعالى : { والخيل المسومة } يعني الراعية كما قال في آية أخرى { فِيهِ تُسِيمُونَ } أي ترعون . وهو قول سعيد بن جبير ومقاتل .
وقال يحيى بن كثير : هي السمينة المصورة . وقال أبو عبيدة المُعْلَمة . { والأنعام } يعني الإبل والبقر والغنم { والحرث } يعني الزرع ، ذكر أربعة أصناف كل نوع من المال يتمول به صنف من الناس ، أما الذهب والفضة ، فيتمول به التجار ، وأما الخيل المُسَوَّمة ، فيتمول بها الملوك ، وأما الأنعام ، فيتمول بها أهل البوادي وأما الحرث فيتمول به أهل الرساتيق ، فيكون فتنة كل صنف في النوع الذي يتمول به ، وأما النساء والبنين فهي فتنة للجميع .
ثم زهد في ذلك كله ، ورغب في الآخرة فقال تعالى : { ذلك متاع الحياة الدنيا } أي منفعة الحياة الدنيا تذهب ، ولا تبقى { والله عِندَهُ حُسْنُ المآب } أي المرجع في الآخرة الجنة ، لا تزول . ولا تفنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.