بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

ثم بَيّن أن الذي وعد المؤمنين في الآخرة ، خير مما زين للكفار فقال تعالى : { قُلْ أَؤُنَبّئُكُمْ بِخَيْرٍ مّن ذلكم } أي من الذي زين للناس في الدنيا

{ لّلَّذِينَ اتقوا } الشرك والفواحش والكبائر . ويقال للذين اتقوا الزينة ، فلا تشغلهم عن طاعة الله { عِندَ رَبّهِمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } يعني البساتين تجري من تحت شجرها ، ومساكنها الأنهار ، فهو خير من الزينة الدنيوية وما فيها .

وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لَشِبْرٌ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » قال : { خالدين فِيهَا } يعني مقيمين فيها أبداً { وأزواج مُّطَهَّرَةٌ } معناه في الخَلْق والخُلُق ، فأما الخَلْقُ فإنهن لا يَحضنَ ولا يتمخَّطْن ، ولا يأتين الخلاء ، وأما الخُلُق ، فإنهن لا يَغِرْن ولا يحسدن ، ولا ينظرن إلى غير أزواجهن { ورضوان مّنَ الله } أي مع هذه النعم لهم رضوان من الله ، وهو من أعظم النعم كما قال في آية أخرى { وَعَدَ الله المؤمنين والمؤمنات جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا ومساكن طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْنٍ ورضوان مِّنَ الله أَكْبَرُ ذلك هُوَ الفوز العظيم } [ التوبة : 72 ] قرأ عاصم في رواية أبي بكر { وَرُضْوَان } بضم الراء ، والباقون بالكسر ، وهما لغتان ، وتفسيرهما واحد { والله بَصِيرٌ بالعباد } أي عالم بأعمالهم وثوابهم .