بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِيٓ أَيَّامٖ نَّحِسَاتٖ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ} (16)

قوله عز وجل : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } يعني : ريحاً بارداً ، ذا صوت ودوي تحرق ، كما تحرق النار . ويقال : { رِيحاً صَرْصَراً } أي : شديدة الصوت ، { في أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } . قال مقاتل : يعني : شدائد . وقال الكلبي : يعني : أيام مشؤومات . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، { في أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } بجزم الحاء ، والباقون : بكسر الحاء ، ومعناهما واحد . ويقال : يوم نحس ، ويوم نحس ، وأيام نحسه ، ونحسه ، والنحسات جمع الجمع .

{ لّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخزي } يعني : العذاب الشديد في الدنيا ، قبل عذاب الآخرة . وهذا كقوله : { ظَهَرَ الفساد في البر والبحر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الروم : 41 ] يعني : ليصيبهم بعض العقوبة في الدنيا . كقوله تعالى : { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ العذاب الأدنى دُونَ العذاب الأكبر لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يعني : يتوبون .

ثم قال عز وجل : { ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا يُنصرون } يعني : أشد مما كان في الدنيا . { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } يعني : لا يمنعهم أحد من عذاب الله ، لا في الدنيا ، ولا في الآخرة .