بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (60)

وقوله تعالى { قُلْ هَلْ أُنَبّئُكُمْ بِشَرّ مّن ذلك } قال مقاتل : وذلك أن اليهود ، قالوا للمؤمنين : ما نعلم أحداً من أهل هذه الأديان أقلّ حظاً في الدنيا ولا في الآخرة منكم ، فنزل { قُلْ هَلْ أُنَبّئُكُمْ } يعني : أخبركم بشر من ذلك { مَثُوبَةً عِندَ الله } يعني : ثواباً عند الله فقالت اليهود : من هم ؟ قال : { مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة والخنازير } فقال المسلمون لليهود : يا إخوة القردة والخنازير . فنكسوا رؤوسهم ، وخجلوا . { ومثوبة } صار نصباً للتمييز يعني : التفسير .

ثم قال : { وَعَبَدَ الطاغوت } قرأ حمزة { وَعَبَدَ الطاغوت } بنصب العين والدال ، وضم الباء ، وكسر التاء ، من الطاغوت ، لم يصح في اللغة أن يقال لجماعة : الأعبد . وإنما يقال : أعبد ، ولا يقال : عبد . وقرأ الباقون : { وَعَبَدَ الطاغوت } يعني : جعل منهم من عبد الطاغوت ، ومعناه : خذلهم حتى عبدوا الشيطان ، وروي عن ابن عباس أنه قرأ { وَعَبَدَ الطاغوت } بضم العين ، ونصب الباء بالتشديد ، يعني : جمع عابد . يقال : عابد وعبَّد ، مثل راجع وركَّع ، وساجد ، وسُجَّد . وقرأ ابن مسعود ( وعبدوا الطاغوت ) يعني : يعبدون الطاغوت ، وقرأ بعضهم { وَعَبَدَ الطاغوت } بضم العين والباء ، ونصب الدال ، وهو جماعة العبيد . ويقال : عبيد وعُبُد ، على ميزان رغيف ورُغُف ، وسرير وسُرُر .

ثم قال : { أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً } يعني : شر منزلة عند الله { وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السبيل } يعني أخطأ عن قصد الطريق وهو الهدى .