بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الجن مكية وهي عشرون وثمان آيات .

قوله تعالى { قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ } يعني : قل يا محمد أوحى الله إلي ، وأخبرني الله تعالى في القرآن . { أَنَّهُ استمع نَفَرٌ مّنَ الجن } ، وهم تسعة من أهل نصيبين ، من أهل اليمن ، من أشرافهم . والنفر ما بين الثلاثة إلى العشرة . وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طائفة من أصحابه ، عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين السماء أي : بين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، فقالوا : ما هذا إلا لشيء حدث ؛ فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء . فوجدوا النفر الذين خرجوا نحو تهامة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة ، وهو يصلي مع أصحابه صلاة الفجر ، فاستمعوا منه ، فقالوا : هذا والله الذي حال بيننا وبين خبر السماء . فرجعوا إلى قومهم { فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قرآنا عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرشد } ، فأنزل الله تعالى : { قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ استمع نَفَرٌ مّنَ الجن } يعني : طائفة وجماعة من الجن ، { فقالوا إِنَّا سَمِعْنَا } يعني : قالوا بعدما رجعوا إلى قومهم : { إنا سمعنا قرآنا عجبا } يعني : عزيزاً شريفاً كريماً ، ويقال : عزيزاً لا يوجد مثله .