بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (111)

قوله تعالى :

{ إن الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وأموالهم بِأَنَّ لَهُمُ الجنة } ، معناه إنه طلب من المؤمنين أن يعدوا أنفسهم وأموالهم ، ويخرجوا إلى الجهاد والقتال في سبيل الله ، ليثيبهم الجنة . وذكر الشراء على وجه المثل ، لأن الأموال والأنفس كلها لله تعالى ، وهي عند أهلها عارية ، ولكنه أراد به التحريض والترغيب في الجهاد . وهذا كقوله : { مَّن ذَا الذى يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ البقرة : 245 ] ثم قال : { يقاتلون فِى سَبِيلِ الله } ، يعني : في طاعة الله تعالى مع العدو . { فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } ، يعني : العدو ويقتلهم العدو . قرأ حمزة والكسائي { فَيَقْتُلُونَ } بالرفع { وَيَقْتُلُونَ } بالنصب على معنى التقديم والتأخير ، وقرأ الباقون { يَقْتُلُونَ } بالنصب { وَيَقْتُلُونَ } بالرفع . { وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّا } ، يعني : واجباً لهم ذلك ، بأن يفي لهم ما وعد ، وبين ذلك { فِي التوراة والإنجيل والقرءان وَمَنْ أوفى بِعَهْدِهِ مِنَ الله } ، يعني : ليس أحد أوفى من الله تعالى في عهده وشرطه ، لأنه عهد أن مَنْ قتل في سبيل الله ، فله الجنة فيفي عهده وينجز وعده .

ثم قال : { فاستبشروا بِبَيْعِكُمُ الذى بَايَعْتُمْ بِهِ } وهذا إعلان لهم أنهم يربحون في مبايعتهم . { ذلك هُوَ الفوز العظيم } ، يعني : الثواب الوافر والنجاة والوافرة .