فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَمَّا رَجَعُوٓاْ إِلَىٰٓ أَبِيهِمۡ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلۡكَيۡلُ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَآ أَخَانَا نَكۡتَلۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (63)

{ فلما رجعوا إلى أبيهم } قبل أن يشتغلوا بفتح المتاع { قالوا يا أبانا } قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة عظيمة فقال لهم يعقوب إذا رجعتم إلى ملك مصر فاقرأوا عليه مني السلام وقولوا إن أبانا يدعو لك بما أوليتنا فقالوا { منع منا الكيل } وأرادوا بهذا ما تقدم من قول يوسف عليه السلام .

{ فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي } أي منع الكيل في المستقبل بعد هذه المرة وفيه دليل على أن الامتيار مرة بعد مرة معهود فيما بينهم وبينه ولعلهم قالوا له بهذه المقالة قبل أن يفتحوا متاعهم ويعلموا برد بضاعتهم كما يفيد ذلك قوله فيما بعد { فلما فتحوا متاعهم } الآية .

ثم ذكروا له ما أمرهم به يوسف عليه السلام فقالوا { فأرسل معنا أخانا } بنيامين إلى مصر { نكتل } بسبب إرساله معنا ما نريده من الطعام وهو مجزوم في جواب الأمر وأصله نكتيل بوزن نغتنم ووزنه الآن نفتل وبحسب الأصل نفتعل قرأ سائر الكوفيين بالتحتية ، واختار أبو عبيدة قراءة النون قال :

ليكونوا كلهم داخلين فيمن يكتال ، وزعم أنه إذا كان بالياء كان للأخ وحده أي يكتال أخونا بنيامين واعترضه النحاس بما حاصله أن إسناد الكيل إلى الأخ لا ينافي كونه للجميع والمعنى يكتال بنيامين لنا جميعا ، والقراءتان سبعيتان ، قال الزجاج : أي إن أرسلته اكتلنا وإلا منعنا الكيل { وإنا له } أي بنيامين { لحافظون } من أن يصيبه سوء أو مكروه .