فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَلَمَّا رَجَعُوٓاْ إِلَىٰٓ أَبِيهِمۡ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلۡكَيۡلُ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَآ أَخَانَا نَكۡتَلۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ} (63)

{ فَلَمَّا رَجِعُوا إلى أَبِيهِمْ قَالُوا يا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الكيل } أرادوا بهذا ما تقدّم من قول يوسف لهم : { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي } أي : منع منا الكيل في المستقبل ، وفيه دلالة على أن الامتيار مرة بعد مرة معهود فيما بينهم وبينه ، ولعلهم قالوا له بهذه المقالة قبل أن يفتحوا متاعهم ويعلموا بردّ بضاعتهم كما يفيد ذلك قوله فيما بعد : { وَلَمَّا فَتَحُوا متاعهم } إلى آخره ، ثم ذكروا له ما أمرهم به يوسف ، فقالوا : { فَأَرْسِل مَعَنَا أَخَانَا } يعنون بنيامين ، و{ نَكْتَلْ } جواب الأمر ، أي : نكتل بسبب إرساله معنا ما نريده من الطعام . قرأ أهل الحرمين ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم : { نكتل } بالنون ، وقرأ سائر الكوفيون بالياء التحتية ، واختار أبو عبيد القراءة الأولى . قال : ليكونون كلهم داخلين فيمن يكتال ، وزعم أنه إذا كان بالياء كان للأخ وحده ، أي : يكتال أخونا بنيامين ، واعترضه النحاس مما حاصله : أن إسناد الكيل إلى الأخ لا ينافي كونه للجميع ، والمعنى : يكتال بنيامين لنا جميعاً . قال الزجاج : أي إن أرسلته اكتلنا وإلاّ منعنا الكيل { وَإِنَّا لَهُ } أي : لأخيهم بنيامين { لحافظون } من أن يصيبه سوء أو مكروه .

/خ66