فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوۡ خَلۡقٗا مِّمَّا يَكۡبُرُ فِي صُدُورِكُمۡۚ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖۚ فَسَيُنۡغِضُونَ إِلَيۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبٗا} (51)

{ أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا ( 51 ) }

{ أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } أي يعظم عندكم مما هو أكبر من الحجارة والحديد مباينة للحياة فإنكم لمبعوثون لا محالة وقيل المراد به السموات والأرض والجبال لعظمها في النفوس ، وقال جماعة من الصحابة والتابعين : المراد به الموت لأنه ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم منه .

والمعنى لو كنتم الموت لأماتكم الله ثم بعثكم ولا يخفى ما في هذا من البعد لأن معنى الآية الترقي من الحجارة إلى الحديد ثم من الحديد إلى ما هو أكبر في صدور القوم منه والموت نفسه ليس بشيء يعقل ويحس حتى يقع الترقي من الحديد إليه .

{ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } إلى الحياة إذا كنا عظاما ورفاتا أو حجارة أو حديدا مع ما بين الحالتين من التفاوت { قُلِ } يعيدكم { الَّذِي فَطَرَكُمْ } خلقكم واخترعكم { أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي عند ابتداء خلقكم من غير مثال سابق ولا صورة متقدمة فمن قدر على البدء والإنشاء قدر على الإعادة بل هي أوهن .

{ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } أي يحركونها استهزاء ، يقال نغض رأسه ينغض نغضا ونغوضا إذا تحرك وانغض رأسه حركة كالمتعجب من الشيء { وَيَقُولُونَ } استهزاء وسخرية { مَتَى هُوَ } أي البعث والإعادة { قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا } أي هو قريب لأن عسى في كلام الله واجب الوقوع ومثله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا وكل ما هو آت قريب .