فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا} (57)

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ( 57 ) }

ثم إنه سبحانه أكد عدم اقتدارهم ببيان غاية افتقارهم إلى الله في جلب المصالح ودفع المضار فقال : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ } قرئ بالتحتية على الخبر وقرأ ابن مسعود بالفوقية على الخطاب ولا خلاف في { يَبْتَغُونَ } أنه بالتحتية والضمير في { إِلَى رَبِّهِمُ } يعود إلى العابدين أو المعبودين { الْوَسِيلَةَ } هي القربة بالطاعة والعبادة أي يتضرعون إلى الله في طلب ما يقربهم إلى ربهم .

أخرج الترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( سلوا الله لي الوسيلة ، قالوا : وما الوسيلة ؟ قال : القرب من الله ثم قرأ هذه الآية ) ( 1 ) {[1079]} .

{ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } بالوسيلة إلى الله قاله الزجاج أي يتقرب إليه بالعمل الصالح أو يبتغي من هو أقرب إليه تعالى الوسيلة فكيف بمن دونه ، وقيل إن يبتغون مضمن معنى يحرصون أي يحرصون أيهم أقرب إليه سبحانه بالطاعة والعبادة .

{ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } كما يرجوها غيرهم { وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } كما يخافه غيرهم فكيف يزعمون أنهم آلهة لأن الإله يكون غنيا بالغنى المطلق { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } تعليل لقوله يخافون أي أن عذابه سبحانه حقيق بأن يحذره العباد من الملائكة والأنبياء وغيرهم .


[1079]:الترمذي كشاب المناقب باب 1 – الإمام أحمد 2 / 265.