فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنۡ ءَالِهَتِي يَـٰٓإِبۡرَٰهِيمُۖ لَئِن لَّمۡ تَنتَهِ لَأَرۡجُمَنَّكَۖ وَٱهۡجُرۡنِي مَلِيّٗا} (46)

{ قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم } ناده باسمه ولم يقابل يا أبت بيا بني وأخره وقدم الخبر على المبتدأ . وصدره بهمزة الاستفهام للتقريع والتوبيخ والتعجيب ، ولإنكار نفس الرغبة كأنها مما لا يرغب عنها عاقل .

والمعنى أمعرض أنت عن ذلك ومنصرف إلى غيره . ثم توعده وهدده فقال : { لئن لم تنته } عن مقالتك فيها أو الرغبة عنها ، واللام للقسم { لأرجمنك } بالحجارة حتى تموت ، وقيل باللسان فيكون معناه لأشتمنك . قاله ابن عباس ، وقيل معناه لأضربنك وقيل لأبعدنك عني بالقول القبيح ، وقيل لأظهرن أمرك فاحذرني { واهجرني مليا } أي زمانا طويلا . وقال ابن عباس حينا . قال الكسائي : يقال هجرته مليا وملوة وملاوة ، بمعنى الملاوة من الزمان وهو الطويل .

وقيل معناه اعتزلني سالم العرض سويا لا تصيبك مني معرة ، واختار هذا ابن جرير وعن ابن عباس قال : اجتنبني سويا واجتنبني سالما قبل أن تصيبك مني عقوبة وعن عكرمة : مليا دهرا ، وعن قتادة : سالما ، وعن الحسن مثله ، فلما رأى إبراهيم إصرار أبيه على العناد