فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ مَوۡعِدُكُمۡ يَوۡمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحۡشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحٗى} (59)

{ قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى ( 59 ) فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى ( 60 ) قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى ( 61 ) فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى ( 62 ) قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكما المثلى ( 63 ) فأجمعوا كيدكم ثم أتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى ( 64 ) قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى ( 65 ) } .

ثم واعده موسى لوقت معلوم و { قال موعدكم } أي زمان الوعد { يوم الزينة } أو وعدكم وعد يوم الزينة وقرئ يوم بالنصب أي في يوم الزينة إنجاز موعدنا ، قال مجاهد وقتادة ومقاتل والسدي : كان ذلك يوم عيد يتزينون فيه ؛ وقال سعيد ابن جبير : كان ذلك يوم عاشوراء ، وبه قال ابن عباس ، وعن ابن عمر نحوه .

وقال الضحاك : يوم السبت ، وقيل يوم النيروز ، وقيل يوم كسر الخليج . وإنما جعل الميعاد زمانا بعد أن طلب منه فرعون أن يكون مكانا سوى ، لأن يوم الزينة يدل على مكان مشهور يجتمع فيه الناس ذلك اليوم ، وإنما خص عليه السلام ذلك اليوم ليكون ظهور الحق وزهوق الباطل في يوم مشهور على رؤوس الأشهاد ، ويشيع ذلك فيما بين كل حاضر وباد ، ولما أن ذلك اليوم وقت ظهور غاية شوكتهم ، ولإظهار كمال قوته ، وكونه على ثقة من أمره وعدم مبالاته بهم .

{ وأن يحشر الناس ضحى } يعني وقت الضحى ذلك اليوم الذي هو عبارة من ارتفاع الشمس ، والمراد بالناس أهل مصر ، والمعنى يحشرون إلى العيد وقت الضحى نهارا وينظرون في أمر موسى وفرعون جهارا ليكون أبعد من الريبة وأبين لكشف الحق وليشيع في جميع أهل الوبر والمدر .

قال الفراء : إذا رأيت الناس يحشرون من كل ناحية ضحى ، فذلك الموعد قال : وجرت عادتهم بحشر الناس في ذلك اليوم ، وقرئ يحشر على البناء للمفعول وللفاعل أي وأن يحشر الله الناس ، بالنون ؛ وبالفوقية أي وأن تحشر أنت يا فرعون ، والضحى قال الجوهري : ضحوة النهار بعد طلوع الشمس ، ثم بعده الضحى وهو حين تشرق الشمس ، وخص الضحى لأنه أول النهار فإذا امتد الأمر بينهما كان في النهار متسع .