{ أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ( 30 ) وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ( 31 ) وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ( 32 ) وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ( 33 ) وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ( 34 ) كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ( 35 ) } .
{ أو لم ير الذين كفروا } الهمزة للإنكار بواو ، وتركها قراءتان سبعيتان والواو للعطف على مقدر ، والرؤية هي القلبية أي ألم يتفكروا ولم يعلموا ، وحاصل ما ذكر من هنا إلى يسبحون ستة أدلة على التوحيد ، وهذا تجهيل لهم بتقصيرهم في التدبر في الآيات التكوينية الدالة على استقلاله تعالى بالألوهية وكون جميع ما سواه مقهورا تحت ملكوته .
{ أن السموات والأرض كانتا رتقا } قال الأخفش : إنما قال كانتا دون كنّ لأنهما صنفان أي جماعتا السموات والأرض ، وبه قال الزمخشري .
وقال أبو البقاء : الضمير يعود على الجنسين ، وقال الحوفي : أراد الصنفين كما قال سبحانه ؛ { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا } ، وقال الزجاج : إنما قال كانتا لأنه يعبر عن السموات بلفظ الواحد لأنها كانت سماء واحدة وكذلك الأرضون . والرتق السد ضد الفتق ، يقال رتقت الفتق أرتقه فارتتق أي التأم ، ومنه الرتقاء للمنضمة الفرج ، يعني أنهما كانا شيئا واحدا ملتزقين ملتصقين .
وقال : رتقا ولم يقل رتقين لأنه مصدر والتقدير كانتا ذواتي رتق ، وقيل مرتوقتين مسرودتين .
قال البيضاوي : والكفرة وإن لم يعلموا ذلك فهم متمكنون من العلم به نظرا ، فإن الفتق عارض مفتقر إلى مؤثر واجب ابتداء أو بواسطة أو استفسارا من العلماء ومطالعة الكتب انتهى ، ومنعه الكازروني ، وقال فيه نظر وتمكنهم هذا ممنوع ، ويجوز أن يكونا مخلوقين منفصلين ؛ بلا رتق وفتق ؛ فإن استدل عليهما بأن القرآن نص عليهما فنقول هذا كاف في إثباتهما ولا حاجة إلى الدليل العقلي المذكور .
{ ففتقناهما } أي ففصلناهما أي فصلنا بعضهما من بعض بالهواء فرفعنا السماء وأبقينا الأرض مكانها ، والفتق الفصل بين الشيئين وهو من أحسن البديع هنا حيث قابل الرتق بالفتق قيل كانت السموات مرتتقة طبقة واحدة ففتقها الله وجعلها سبع سموات ، وكذلك الأرض كانت طبقة واحدة فجعلها سبع أرضين . وعن ابن عباس قال : فتقت السماء بالغيث وفتقت الأرض بالنبات .
وقد أطال الكلام القرطبي في ذلك ، ونقل عن كعب الأخبار وغيره أحوال خلق الأرض العليا والسفلى ؛ ولا يصار إليهما إلا أن يصح من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم { وجعلنا من الماء } أي خلقنا وأحيينا أو صيرنا بالماء الذي ننزله من السماء وينبع من الأرض .
{ كل شيء حي } فيشمل الحيوان والنبات ، والمعنى أن الماء سبب حياة كل شيء ، وقيل :المراد بالماء هنا نطفة الرجل وبه قال أبو العالية وأكثر المفسرين وخرج هذا اللفظ مخرج الأغلب والأكثر وهذا احتجاج على المشركين بقدرة الله سبحانه ، وبديع صنعه ، وقد تقدم تفسير هذه الآية .
{ أفلا يؤمنون } الهمزة للإنكار عليهم حيث لم يؤمنوا مع وجود ما يقتضيه من الآيات الربانية
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.