فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَيۡرِ فِتۡنَةٗۖ وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ} (35)

{ كل نفس } مخلوقة فلا يراد الباري تعالى : { ذائقة الموت } أي ذائقة مرارة مفارقة جسدها فلا بقى أحد من ذواتي الأنفس المخلوقة كائنا من كان وهذا دليل على ما أنكر من خلودهم ، قيل هذا العموم مخصوص بقوله تعالى : { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } فإن الله حي لا يموت ولا يجوز عليه الموت ، والذوق ههنا عبارة عن مقدمات الموت وآلامه العظيمة قبل حلوله .

{ ونبلوكم } أي نختبركم { بالشر } أي بالشدة { والخير } أي الرخاء { فتنة } مصدر لنبلوكم من غير لفظه لأن الابتلاء فتنة فكأنه قال : نفتنكم فتنة أو مفعول له أي لننظر كيف شكركم وصبركم ، والمراد أنه سبحانه يعاملهم معاملة من يبلوهم فالله لا يخفى عليه شيء .

{ وإلينا ترجعون } لا إلى غيرنا لا استقلالا ولا اشتراكا فنجازيكم بأعمالكم حسبما يظهر منكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، وفيه إشارة إلى أن المقصود من هذه الحياة الدنيا الابتلاء والتعريض للثواب والعقاب .