فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ وَهُم مِّنۡ خَشۡيَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ} (28)

{ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } أي ما عملوا وما هم عاملون .

وقيل ما كان قبل خلقهم وما يكون بعد خلقهم ، أو يعلم ما بين أيديهم . وهو الآخرة وما خلفهم ، وهو في الدنيا ، والجملة تعليل لما قبلها ، ووجه التعليل أنهم إذا علموا بأنه عالم بما قدموا وأخروا لم يعملوا عملا ولا يقولوا قولا إلا بأمره .

{ ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } أن يشفع الشافعون له وهو ممن رضى عنه وقيل : هم أهل لا لإله إلا الله ، وقد ثبت في الصحيح . أن الملائكة يشفعون في الدار الآخرة{[1201]} ، قال قتادة : لأهل التوحيد ، وعن مجاهد نحوه ، وعن الحسن : لمن قال لا إله إلا الله ، وقال ابن عباس : الذين ارتضاهم بشهادة أن لا إله إلا الله .

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن جابر أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تلا هذه الآية وقال : ( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ) {[1202]} .

{ وهم من خشيته مشفقون } أي من خشيتهم منه ، والخشية الخوف مع التعظيم ولهذا خص به العلماء ؛ والإشفاق : الخوف مع التوقع والاعتناء والحذر فإن عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإن عدي بعلى فبالعكس أي لا يأمنون مكر الله ، بل هم خائفون وجلون .


[1201]:وردت أحاديث كثيرة فيها شفاعة الملائكة منها: البخاري كتاب التوحيد باب 24 – الإمام أحمد 5/43.
[1202]:المستدرك كتاب الإيمان 1/69.