فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ} (174)

( فانقلبوا بنعمة من الله ) أي فخرجوا إليهم فانقلبوا ، والتنوين للتعظيم أي رجعوا متلبسين بنعمة عظيمة وهي السلامة من عدوهم وعافية ( وفضل ) أي أجر تفضل الله به عليهم ، وقيل ربح في التجارة ، وقيل النعمة خاصة بمنافع الدنيا والفضل بمنافع الآخرة .

وقد تقدم تفسيرهما قريبا بما يناسب ذلك المقام لكون الكلام فيه مع الشهداء الذين صاروا في الدار الآخرة ، والكلام هنا مع الأحياء .

وقوله ( لم يمسسهم سوء ) أي سالمين عنه لم يصبهم قتل ولا جرح ولا ما يخافونه ، وقال ابن عباس : لم يؤدهم أحد ( واتبعوا رضوان الله ) فيما يأتون ويذرون وأطاعوا الله ورسوله ، ومن ذلك خروجهم لهذه الغزوة .

وعن ابن عباس : النعمة أنهم سلموا ، والفضل ان عيرا مرت وكان في أيام الموسم فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فربح مالا فقسمه بين أصحابه ، وعن مجاهد قال الفضل : ما أصابوا من التجارة والأجر ، وقال السدي أما النعمة فهي العافية وأما الفضل فالتجارة والسوء القتل .

( والله ذو فضل عظيم ) لا يقادر قدره ولا يبلغ مداه ، ومن تفضله عليهم تثبيتهم وخروجهم للقاء عدوهم وإرشادهم إلى أن يقولوا هذه المقالة التي هي جالبة لكل خير ، ودافعة لكل شر ، وقيل تفضل عليهم بإلقاء الرعب في قلوب المشركين حتى رجعوا .