فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا} (115)

{ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ( 115 ) }

{ ومن يشاقق الرسول } المشاقة المعاداة والمخالفة { من بعد ما تبين } أي وضح وظهر { له الهدى } بأن يعلم صحة الرسالة بالبراهين الدالة على ذلك ثم يفعل المشاقة { ويتبع غير سبيل المؤمنين } أي غير طريقهم وهو ما هم عليه من دين الإسلام والتمسك بأحكامه في الاعتقاد والعمل والقول { نوله ما تولى } أي نجعله واليا لما تولاه واختاره من الضلال بأن نخلي بينه وبينه في الدنيا ونتركه وما اختاره لنفسه .

{ ونصله } أي نلزمه وندخله في الآخرة ، وأصله من الصلى وهو لزوم النار وقت الاستدفاء { جهنم وساءت مصيرا } مرجعا هي ، وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذه الآية على حجية الإجماع لقوله { ويتبع غير سبيل المؤمنين } .

ولا حجة في ذلك عندي لأن المراد بغير سبيل المؤمنين هنا هو الخروج من دين الإسلام إلى غيره كما يفيده اللفظ ويشهد به السبب ، فلا يصدق على عالم من علماء هذه الملة الإسلامية اجتهد في بعض مسائل الدين فأداه اجتهاده إلى مخالفة من بعصره من المجتهدين ، فإنه إنما رام السلوك في سبيل المؤمنين وهو الدين القويم والملة الحنيفية ، ولم يتبع غير سبيلهم .

وقد أخرج الترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبدا ، ويد الله على الجماعة فمن شذ شذ في النار{[540]} ) ، وأخرجه الترمذي والبيهقي أيضا عن ابن عباس مرفوعا .


[540]:الترمذي كتاب الفتن7.