{ ولأضلنهم } اللام جواب قسم محذوف ، والإضلال الصرف عن طريق الهداية إلى طريق الغواية والمراد به التزيين والوسوسة وإلا فليس إليه من الإضلال شيء ، قال بعضهم لو كان الإضلال على إبليس لأضل جميع الخلق وهكذا اللام في قوله { ولأمنينهم } والمراد بالأماني التي يمينهم بها الشيطان هي الأماني الباطلة الناشئة عن تسويله ووسوسته قال ابن عباس يريد تسويف التوبة وتأخيره .
قال الكلبي : أمنيهم أنه لا جنة ولا نار ولا بعث ، وقيل إدراك الجنة مع المعاصي وقيل أزين لهم ركوب الأهواء والأهوال الداعية إلى العصيان وقيل طول البقاء في الدنيا ونعيمها ليؤثروها على الآخرة ، ولا مانع من حمل اللفظ على الجميع .
{ ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام } أي ولأمرنهم بتبتيك آذانها أي تقطيعها فليبتكنها بموجب أمري والبتك القطع ومنه سيف باتك يقال بتكة وبتكة مخففا ومشددا ، وقد فعل الكفار ذلك امتثالا لأمر الشيطان وإتباعا لرسمه فشقوا آذان البحائر والسوائب{[541]} كما لك معروف ، قال قتادة : التبتيك في البحيرة والسائبة يبتكون آذانها لطواغيتهم { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } بموجب أمري لهم .
واختلف العلماء في هذا التغيير ما هو فقالت طائفة : هو الخصي وفقء العين وقطع الأذن ، وقال آخرون : إن المراد هو أن سبحانه خلق الشمس والقمر والأحجار والنار ونحوها من المخلوقات لما خلقها له فغيرها الكفار بأن جعلوها آلهة معبودة وبه قال الزجاج ، وقيل المراد تغيير الفطرة التي فطر الله الناس عليها وقيل نفي الأنساب واستلحاقها أو بتغيير الشيب بالسواد أو بالتحريم والتحليل أو بالتخنث أو بتغيير دين الإسلام ، ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه الأمور حملا شموليا أو بدليا .
وقد رخص طائفة من العلماء في خصي البهائم إذا قصد بذلك زيادة الانتفاع به لسمن أو غيره ، وكره ذلك آخرون وأما خصي بني آدم فحرام ، وقد كره قوم شراء الخصي ، قال القرطبي : لم يختلفوا أن خصي بني آدم لا يحل ولا يجوز وأنه مثلة ، وتغيير لخلق الله ، وكذلك قطع سائر أعضائهم في غير حد ولا قود قاله أبو عمرو بن عبد البر .
أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خصي البهائم والخيل ، وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح وإخصاء البهائم .
وعن ابن عباس فليغيرن خلق الله قال دين الله ، وعن الضحاك وسعيد ابن جبير مثله ، وعن الحسن قال الوشم ووصل الشعر ، وهذه الجمل الخمسة المحكية عن اللعين مما نطق به لسانه مقالا أو حالا ، وما فيها من اللامات الخمس للقسم كما تقدم .
{ ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله } بإتباعه وامتثال ما يأمر به وإيثار ما يدعو إليه من دون إتباع لما أمر الله به ولا امتثال له ، وقيل الولي من الموالاة وهو الناصر { فقد خسر } بتضييع رأس ماله الفطري { خسرانا مبينا } أي واضحا ظاهرا لأن طاعة الشيطان توصله إلى نار جهنم المؤبدة عليه وهي غاية الخسران .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.