بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلۡجَهۡرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} (148)

{ لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء مِنَ القول } أي لا يحب أن يذكر بالقول القبيح لأحد من الناس { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } فيقتص من القول بمثل ما ظلم ، فلا جناح عليه . نزلت الآية في شأن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، شتمه رجل فسكت أبو بكر مراراً ، ثم ردّ عليه ، ويقال : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } فيدعو الله تعالى على ظالمه . وقال الفراء : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } يعني ولا من ظلم . وقال السدي : يقول من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح . وقال الضحاك : { لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء } أي لا يحب لكم أن تنزلوا برجل ، فإذا ارتحلتم عنه تذمون طعامه إلا رجلاً أردتم النزول عليه عند حاجتكم فمنعكم . وقال مجاهد : هو في الضيافة إذا دخل الرجل المسافر إلى القوم ، يريد أن ينزل عليهم فلم يضيفوه ، فقد رخص له أن يذكر كلاماً عنهم ويقول فيهم . ويقال : يعني يسبه مثل ما سبه ما لم يكن كلاماً فيه حد أو كلمة لا تصلح ، ولو لم يقل كان أفضل . وقرأ بعضهم : { إَلاَّ مَن ظَلَمَ } متصل ب { ما يفعل الله بعذابكم } { إلا من ظلم } يعني من إشراك بالله ، وهو شاذ من القراءة ثم قال تعالى : { وَكَانَ الله سَمِيعاً عَلِيماً } أي سميعاً بدعاء المظلوم ، { عليما }ً بعقوبة الظالم .