فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلۡيَتَٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ نَارٗاۖ وَسَيَصۡلَوۡنَ سَعِيرٗا} (10)

{ إن الذين يأكلون أموال اليتامى } استئناف جيء به لتقرير ما فصل من الأوامر والنواهي يتضمن النهي عن ظلم الأيتام من الأولياء والأوصياء { ظلما } حراما بغير حق { إنما يأكلون في بطونهم نارا } المراد بأكل النار ما يكون سببا للنار تعبيرا بالمسبب عن السبب ، وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية ، والمعنى سيأكلون يوم القيامة وهذا على المجاز ، وقيل بطونهم أوعية للنار بأن يخلق الله لهم نارا يأكلونها في بطونهم ، وهذا على الحقيقة ، وقيل غير ذلك .

قال السدي : يبعث آكل أموال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأذنيه وعينيه وأنفه يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم ، وإنما خص الآكل بالذكر وإن كان المراد سائر أنواع الإتلافات وجميع التصرفات المتلفة للمال لأن الضرر يحصل بكل ذلك لليتيم ، فعبر عن الجميع بالأكل لأنه معظم المقصود ، وذكر البطون للتأكيد كقولك رأيت بعيني وسمعت بأذني .

{ وسيصلون سعيرا } بأكلهم أموال اليتامى ، وقرئ سيصلون من التصلية لكثرة الفعل مرة بعد أخرى ، وقرأ الباقون بفتح الياء من صلى النار يصلاها ، والصلا هو التسخن بقرب النار أو بمباشرتها ، والسعير الجمر المشتعل ، وقيل النار الموقدة .

أخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا فقيل يا رسول الله من هم ؟ قالوا ألم تر أن الله يقول { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } الآية . {[412]}

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ليلة أسري به قال ( نظرت فإذا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ، ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار فيقذف في أحدهم حتى يخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ ، فقلت يا جبرائيل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية . {[413]} )

وقال زيد ابن أسلم : هذه الآية لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم ويأكلون أموالهم .


[412]:ابن كثير 1/456.
[413]:قال السدي: يبعث آكل مال اليتيم ظلما ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه، وأذنيه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه يأكل مال اليتيم أخرجه ابن جرير8/26 من طريق أسباط.