فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا} (7)

{ للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ( 7 ) }

{ للرجال } يعني الذكور من أولاد الميت وعصبته { نصيب } حظ { مما ترك } من الميراث { الوالدان والأقربون } المتوفون ، لما ذكره سبحانه حكم أموال اليتامى وصلتها بأحكام المواريث وكيفية قسمتها بين الورثة وأفرد سبحانه ذكر النساء بعد ذكر الرجال على الاستقلال لأجل الاعتناء بأمرهن ، وللإيذان بأصالتهن في استحقاق الإرث ، وللمبالغة في إبطال ما عليه الجاهلية فقال { للنساء } أي الإناث من أولاد الميت { نصيب } حظ { مما ترك الوالدان والأقربون } أي من المال المخلف عن الميت ، وفي ذكر القرابة بيان لعلة الميراث مع التعميم لما يصدق عليه مسمى القربة من دون تخصيص .

{ مما قل منه أو كثر } بدل من قوله { مما ترك } بإعادة الجار ، والضمير في { منه } راجع إلى المبدل منه ، وهذا الأمر مراد في الجملة الأولى أيضا محذوف للتعويل على المذكور ، وفائدته دفع توهم اختصاص بعض الأموال ببعض الورثة كالخيل وآلة الحرب للرجال ، وتحقيق أن لكل الفريقين حقا من كل ما دق وجل .

وقد أجمل سبحانه في هذه المواضع قدر النصيب المفروض ، ثم أنزل قوله { يوصيكم الله في أولادكم } فبين ميراث كل فرد جعله الله { نصيبا مفروضا } وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب ، والحنفية أيضا قائلون بجواز تأخيره ، والفرض ما فرضه الله تعالى وهو آكد من الواجب أو مقطوعا بتسليمه إليهم ، فلا يسقط بإسقاطهم ، ففي الآية دليل على أن الوارث لو أعرض عن نصيبه لم يسقط حقه بالإعراض ، قاله البيضاوي .