ثم أمر سبحانه رسول بإنذار عباده فقال :
{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ } أي يوم القيامة ، سميت بذلك لقربها ، يقال : أزف فلان أو الرحيل أي قرب ، يأزف أزفا من باب تعب ، وأزوفا دنا وقرب ، ومنه قوله تعالى { أزفت الآزفة } أي قربت الساعة ودنت القيامة ، وقيل : إن يوم الآزفة هو يوم حضور الموت ، والأول أولى . قال الزجاج : وقيل لها الآزفة لأنها قريبة ، وإن استبعد الناس أمرها ، وما هو كائن فهو قريب .
{ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ } وذلك أنها تزول عن مواضعها ، وترتفع عن أماكنها من الخوف ، حتى تصير إلى الحنجرة وتلتصق بحلوقهم ، فلا تعود فيستريحوا بالنفس ولا تخرج فيستريحوا بالموت كقوله { وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ } وهي جمع حنجور كحلقوم وزنا ومعنى ، أو جمع حنجرة وهي الحلقوم و { كَاظِمِينَ } بمعنى مغمومين مكروبين ممتلئين غما ، قال الزجاج : المعنى إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم ، قال قتادة وقعت قلوبهم في الحناجر من المخافة فهي لا تخرج ولا تعود في أمكنتها .
وقيل : هو إخبار عن نهاية الجزع ، وإنما قال : كاظمين باعتبار أهل القلوب ، لأن المعنى إذ قلوب الناس لدى حناجرهم ، فيكون حالا منهم . وقيل : حالا من القلوب ، وجمع الحال منها جمع العقلاء ، لأنه أسند إليها ما يسند إلى العقلاء ، فجمعت جمعه .
ثم بين سبحانه أن لا ينفع الكافرين في ذلك اليوم أحد فقال :
{ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ } أي قريب ومحب ينفعهم وحميمك قريبك الذي تهتم لأمره { وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } في شفاعته لهم ، قال الكرخي : حقيقة الإطاعة لا تتأتى هنا لأن المطاع يكون فوق المطيع رتبة ، فمقتضاه أن الشافع يكون فوق المشفوع عنده ، وهذا محال هنا لأن الله تعالى لا شيء فوقه ، فحينئذ هو مجاز ، ومعناه ولا شفيع يشفع ، أي يؤذن له في الشفاعة ، أو تقبل شفاعته . وقال المحلي : لا مفهوم للوصف إذ لا شفيع لهم أصلا ، أي لا مطاع ولا غيره
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.