ولما قال سبحانه { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ } تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا ما يريد محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن نتخذه إلها ، كما اتخذ النصارى عيسى بن مريم فأنزل الله { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا } كذا قال قتادة ومجاهد .
وقال الواحدي : أكثر المفسرين على أن هذه الآية نزلت في مجادلة ابن الزبعري مع النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } قال ابن الزبعري : خصمتك ورب الكعبة أليست النصارى يعبدون المسيح ، واليهود عزيرا ؟ وبنو مليح الملائكة ؟ فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ، ففرحوا به ، وضحكوا وارتفعت أصواتهم ، فأنزل الله { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } ونزلت هذه الآية المذكورة هنا ، وقد مضى هكذا في سورة الأنبياء ، ولا يخفاك أن ما قاله ابن الزبعري مندفع من أصله ، وباطل برمته فإن الله سبحانه قال : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } ولم يقل : ومن تعبدون ، حتى يدخل في ذلك العقلاء كالمسيح وعزير والملائكة ، قال الشهاب : ابن الزبعري هو عبد الله الصحابي المشهور ، وهذه القصة على تقدير صحتها كانت قبل إسلامه .
{ إِذَا قَوْمُكَ } يا محمد صلى الله عليه وسلم { مِنْهُ } أي من ذلك المثل المضروب { يَصِدُّونَ } أي يضجون ويصيحون ، فرحا بذلك المثل المضروب ، والمراد بقومه هنا كفار قريش ، إذ ظنوا أنه ألزم وأفحم النبي صلى الله عليه وسلم به ، وهو إنما سكت انتظارا للوحي .
قرأ الجمهور : يصدون بكسر الصاد ، وقرئ بضمها ، وهما سبعيتان قال الكسائي والفراء والزجاج والأخفش : هما لغتان ومعناهما يضجون ، قال الجوهري : صد يصد صديدا أي ضج ، وقيل : إنه بالضم للإعراض ، وبالكسر من الضجيج ، قاله قطرب ، قال أبو عبيدة : لو كانت من الصدود عن الحق يقال : إذا قومك عنه يصدون ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش : ( إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير ، قالوا : ألست تزعم أن عيسى كان نبيا ؟ وعبدا من عباد الله صالحا ؟ وقد عبدته النصارى ، فإن كنت صادقا فإنه كآلهتهم ، فأنزل الله : { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا } الآية ، قلت : وما يصدون ؟ قال : يضجون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.