اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَوۡمَ لَا يُغۡنِي مَوۡلًى عَن مَّوۡلٗى شَيۡـٔٗا وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (41)

ثم وصف ذلك اليوم{[50398]} فقال : «يَوْمَ لاَ يُغْني » يجوز أن يكون بدلاً{[50399]} من «يَوْم الفَصْلِ » أو بياناً عند من لا يشترط المطابقة تعريفاً{[50400]} وتنكيراً . أو أن يكون منصوباً بإضمار أعني{[50401]} ، وأن يكون صفة لميقاتهم ولكنه بني . قاله أبو البقاء{[50402]} . وهذا لا يتأتى عنه البصريين لإضافته إلى معرب ، وقد تقدم آخر المائدة{[50403]} ، وأن ينتصب بفعل يدل عليه «يوم الفصل » أي يفصل بينهم يَوْمَ لا يُغْنِِي{[50404]} ، ولا يجوز أن ينتصب ب «الفَصْل » نفسه لما يلزم من الفصل بينهما بأَجْنَبيِّ وهو «مِيقَاتُهُمْ » والفصل مصدر لا يجوز فيه ذلك .

وقال أبو البقاء : لأنه قد أخبر عنه{[50405]} ، وفيه تَجَوز ، فَإنَّ الإخبار عما أضيف إلى الفَصْل لا عن الفصل{[50406]} ) .

قوله : { مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً } لا ينفع قريبٌ قَرِيبَهُ ، ولا يدفع عنه { هُمْ يُنصَرُونَ } أي ليس لهم ناصر يمنعهم من عذاب الله . واعلم أن القريب إما في الدين أو في النَّسب أو المعتق ؛ وكل هؤلاء يُسَمَّوْنَ بالمولى فلما تحصل النصرة لهم فبأن لا تحصل ممَّنْ سواهم أولى . ونظير هذه الآية قوله تعالى : { واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } [ البقرة : 123 ] إلى قوله { ولا هُمْ يُنصَرُونَ } قال الواحدي : المراد بقوله : مولى عن مولى الكفار . لأنه ذكر بعده المؤمن فقال : { إِلاَّ مَن رَّحِمَ الله } قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[50398]} يريد المؤمن فإنه يشفع له الأنبياءُ والملائكةُ{[50399]} .

قوله : «وَلاَ هُمْ » جمع الضمير عائداً به على «مَوْلى » ، وإن كان مفرداً ؛ لأنه قصد معناه ، فجمع وهو نكرة في سياق النفي تَعُمُّ{[50400]} .


[50398]:الرازي 27/250.
[50399]:التبيان السابق والبيان 2/360.
[50400]:وأبرز إنسان لا يشترط الزمخشري وحكايته معروفة في قوله" {مقام إبراهيم} على قوله تعالى: {آيات بينات} من الآية 97 من آل عمران. وانظر هذه الأوجه في الدر المصون 4/817 ورأي الزمخشري في توضيح المقاصد 3/185.
[50401]:الدر المصون المرجع السابق.
[50402]:التبيان 1146.
[50403]:من الآية 119: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم}.
[50404]:التبيان المرجع السابق.
[50405]:السابق.
[50406]:وانظر هذا كله في الدر المصون 4/817 و818.