فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِن فَاتَكُمۡ شَيۡءٞ مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُمۡ إِلَى ٱلۡكُفَّارِ فَعَاقَبۡتُمۡ فَـَٔاتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتۡ أَزۡوَٰجُهُم مِّثۡلَ مَآ أَنفَقُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (11)

{ وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار } مما دفعتم إليهم من مهور النساء المسلمات ، وقيل : المعنى وإن انفلت منكم أحد من نسائكم إلى الكفار ، فارتدت المسلمة ، وإليه نحا الزمخشري .

{ فعاقبتم } أي فأصبتموهم في القتال بعقوبة قال الواحدي : قال المفسرون أي فغنمتم قال الزجاج : تأويله : وكانت العقبى لكم أي كانت الغنيمة لكم حتى غنمتم ، وقيل : معناه ظهرتم ، وكانت العاقبة لكم { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا } من مهر المهاجرة التي تزوجتموها ، ولا تؤتوه زوجها الكافر سواء كانت الردة قبل الدخول أو بعده ، فكان الحكم أنه يجب للزوج من الغنيمة جميع المهر ، قال قتادة ومجاهد : إنما أمروا أن يعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من الفيء والغنيمة ، وهذه الآية منسوخة قد انقطع حكمها ، وارتفع بعد الفتح بشقيه ، فلا يجب دفع مهر من جاءت مسلمة للكفار ، ولا مهر من ارتدت لزوجها ، وبه قال عطاء ومجاهد وقتادة .

{ وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ( 11 ) يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم ( 12 ) يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما ما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ( 13 ) } .

وقال قوم : الآية غير منسوخة ، ويرد عليهم ما أنفقوا ، وحاصل معناها أن من أزواجكم يجوز أن يتعلق ب { فاتكم } أي من جهة أزواجكم ، ويراد بالشيء المهر الذي غرمه الزوج لأن التفسير ورد أن الرجل المسلم إذا فرت زوجته إلى الكفار ، أمر الله المؤمنين أن يعطوا ما غرمه ، وفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع جمع من الصحابة المذكورين في التفاسير ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة لشيء ، ثم يجوز في شيء أن يراد به المهر ، ولكن لا بد على هذا من مضاف محذوف ، أي من مهر أزواجكم ليتطابق الموصوف وصفته ، ويجوز أن يراد بشيء النساء أي نوع وصنف منهن ، وهو ظاهر قوله : { من أزواجكم } ، وقوله : { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم } ، والمعنى أنهم يعطون من ذهبت زوجته إلى المشركين فكفرت ، ولم يرد عليه المشركون مهرها ، كما حكم الله مثل ذلك المهر الذي أنفقه عليها من الغنيمة .

{ واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون } أي احذروا أن تتعرضوا لشيء مما يوجب العقوبة عليكم فإن الإيمان الذي أنتم متصفون به ، يوجب على صاحبه ذلك .