فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ قِيلَ لَهُمُ ٱسۡكُنُواْ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةَ وَكُلُواْ مِنۡهَا حَيۡثُ شِئۡتُمۡ وَقُولُواْ حِطَّةٞ وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا نَّغۡفِرۡ لَكُمۡ خَطِيٓـَٰٔتِكُمۡۚ سَنَزِيدُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (161)

{ وإذ قيل } أي اذكر وقت أن قيل { لهم } هذا القول وهو { اسكنوا هذه القرية } أي بيت المقدس أو أريحاء ، وقيل غير ذلك مما تقدم بيانه وفي البقرة { ادخلوا هذه القرية } ولا منافاة بينهما لأن كل ساكن في موضع لا بد له من الدخول إليه { وكلوا منها } أي من المأكولات الموجود فيها من الثمار والزروع والحبوب والبقول { حيث } أي في أي مكان { شئتم } من أمكنتها لا مانع لكم من الأكل فيه .

وقال في البقرة فكلوا بالفاء لأن الدخول حال مقتضية للأكل عقبه فحسن دخول الفاء للتعقيب ، والسكنى حالة استمرار والأكل حاصل متى شاءوا ولم يقل رغدا هنا كما قال في البقرة لأن الأكل عقب الدخول ألذ وأكمل ، ومع السكنى ليس كذلك .

{ وقولوا حطة } أي حط عنا ذنوبنا وقد تقدم تفسيرها في البقرة { وادخلوا الباب } أي باب القرية المتقدمة حال كونكم { سجدا } أمروا بأن يجمعوا بين قولهم حطة وبين الدخول ساجدين ، فلا يقال كيف قدم الأمر بالقول هنا على الدخول وأخره في البقرة وقد تقدم معنى السجود الذي أمروا به { نغفر لكم خطيئاتكم } أي ذنوبكم ولم نؤاخذكم بها ، وإنما قال هنا خطيئاتكم وفي البقرة خطاياكم لأن المقصد غفران ذنوبهم سواء كانت قليلة أو كثيرة إذا أتوا بالدعاء والتضرع { سنزيد المحسنين } على المغفرة للخطايا بما نتفضل به عليهم من النعم ، وقال في البقرة { وسنزيد } بالواو أن هنا استئنافا على تقدير قول القائل وماذا بعد الغفران فقيل له سنزيد .