تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومٗا مَّدۡحُورٗاۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (18)

الآية 18 وقوله تعالى : { قال اخرج منها } يحتمل { منها } من السماء ، ويحتمل من الصورة التي كان فيها ما قلنا في قوله : { فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها } [ الأعراف : 13 ] وقيل : الجنة .

وقوله تعالى : { مذءوما مدحورا } قيل : { مذءوما } ملوما أي [ مذموما ملوما ]{[8142]} عند الخلق جميعا { مدحورا } قيل : مقصيّا مبعدا من كل خير . قال أبو عوسجة : [ مذءوما واحدا ]{[8143]} ومدحورا مباعدا مطرودا .

وقوله تعالى : { اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين } أخبر الله عز وجل ، أنه يملأ جهنم من إبليس وممّن تبعه ، وأطاعه ؛ لأنهم يتبعونه في الكفر والشرك بالله .

تعلّق الخوارج بقوله تعالى : { لمن تبعك منهم } [ فقالوا : كل ]{[8144]} مرتكب معصية تابع له ، لذلك استوجب الخلود . وقالت المعتزلة : كل مرتكب كبيرة بوعيد هذه الآية ؛ لأنه تابع له .

وعندنا : ليس لهم في الآية حجة في تخليد من ذكروا في النار ؛ لأنه إنما ذكرت على إثر نقض الدين وردّ التوحيد .

فكأنه قال : { لمن تبعك } في نقض الدين ورد التوحيد { لأملأنّ جهنم منكم أجمعين } .


[8142]:في الأصل وم: مذموم ملوم.
[8143]:في الأصل: مذموم واحد.
[8144]:من م، في الأصل: وكل من.