فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ يُرِيكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَيۡتُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِكُمۡ قَلِيلٗا وَيُقَلِّلُكُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِهِمۡ لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (44)

{ وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا } أي واذكروا وقت إراءتكم إياهم حال كونهم قليلا حتى قال القائل من المسلمين لآخر أتراهم سبعين قال هم نحو المائة ، قال ابن مسعود : حتى أخذنا رجلا منهم فسألناه قال : كنا ألفا .

{ ويقللكم في أعينهم } أي وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى قال قائلهم إنما هم أكلة جزور ، وكان هذا قبل القتال والتحام الحرب ، فلما شرعوا فيه كثر الله المسلمين في أعين المشركين كما قال في آل عمران { يرونهم مثليهم رأي العين } ووجه تقليل المسلمين في أعين المشركين هو أنهم إذا رأوهم قليلا أقدموا على القتال غير خائفين ثم يرونهم كثيرا فيفشلون وتكون الدائرة عليهم ويحل بهم عذاب الله وسوط عقابه .

{ ليقضي الله أمرا كان مفعولا } في علمه ، وإنما كرره لاختلاف الفعل المعلل به ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال : ليلف بينهم الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه ، والانعام على من أراد النعمة عليه من أهل ولايته ، وخذلان أهله ، والمعاني متقاربة { وإلى الله ترجع } أي تصير { الأمور } كلها يفعل فيها ما يريد ويقضي في شأنها ما يشاء .