أخرج الحاكم عن وهب قال : داود بن إيشا بن عويد بن عابر من ولد يهوذا بن يعقوب ، وكان قصيراً أزرق قليل الشعر طاهر القلب .
وأخرج ابن جرير عن مرة رضي الله عنه في قوله : { إذ يحكمان في الحرث } قال : كان الحرث نبتاً ، فنفشت فيه ليلاً فاختصموا فيه إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الحرث ، فمروا على سليمان فذكروا ذلك له فقال : لا تدفع الغنم . فيصيبون منها ويقوم هؤلاء على حرثهم ، فإذا عاد كما كان ردوا عليهم فنزلت { ففهمناها سليمان } .
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والحاكم و البيهقي في سننه ، عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم } قال : كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم ، فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم ، فقال سليمان : أغير هذا يا نبي الله ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها ، حتى إذا عاد الكرم كما كان دفعت الكرم لصاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها . فذلك قوله : { ففهمناها سليمان } .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مسروق قال : الحرث الذي { نفشت فيه غنم القوم } إنما كان كرماً نفشت فيه غنم القوم فلم تدع فيه ورقة ولا عنقوداً من عنب إلا أكلته ، فأتوا داود فأعطاهم رقابها ، فقال سليمان : إن صاحب الكرم قد بقي له أصل كرمه وأصل أرضه ، بل تؤخذ الغنم فيعطاها أهل الكرم فيكون لهم لبنها وصوفها ونفعها ، ويعطى أهل الغنم الكرم فيعمرونه ويصلحونه حتى يعود كالذي كان ليلة نفشت فيه الغنم ، ثم يعطى أهل الغنم غنمهم وأهل الكرم كرمهم .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وداود وسليمان } إلى قوله : { وكنا لحكمهم شاهدين } يقول : كنا لما حكما شاهدين ، وذلك أن رجلين دخلا على داود : أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم ، فقال صاحب الحرث : إن هذا أرسل غنمه في حرثي فلم تبق من حرثي شيئاً . فقال له داود : اذهب فإن الغنم كلها لك . فقضى بذلك داود ، ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بالذي قضى به داود ، فدخل سليمان على داود فقال : يا نبي الله ، إن القضاء سوى الذي قضيت . فقال : كيف ؟ قال سليمان : إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كل عام ، فله من صاحب الغنم أن ينتفع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفي ثمن الحرث ، فإن الغنم لها نسل كل عام . فقال داود : قد أصبت ، القضاء كما قضيت . ففهمها الله سليمان .
وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد في الآية قال : أعطاهم داود رقاب الغنم بالحرث ، وحكم سليمان بجزة الغنم وألبانها لأهل الحرث ، وعليهم رعاؤها ويحرث لهم أهل الغنم حتى يكون الحرث كهيئته يوم أكل ، ثم يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم .
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : النفش بالليل والهمل بالنهار . ذكر لنا أن غنم القوم وقعت في زرع ليلاً فرفع ذلك إلى داود ، فقضى بالغنم لأصحاب الزرع فقال سليمان : ليس كذلك ، ولكن له نسلها ورسلها وعوارضها وجزازها ، حتى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل ، دفعت الغنم إلى أربابها وقبض صاحب الزرع زرعه . قال الله : { ففهمناها سليمان } .
وأخرج ابن جرير عن قتادة والزهري في الآية قال : نفشت غنم في حرث قوم فقضى داود أن يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان ، فلما أخبر بقضاء داود قال : لا ، ولكن خذوا الغنم ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول .
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت امرأة عابدة من بني إسرائيل ، وكانت تبتلت وكان لها جاريتان جميلتان ، وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال ، فقالت إحدى الجاريتين للأخرى : قد طال علينا هذا البلاء ، أما هذه فلا تريد الرجال ولا نزال بشر ما كنا لها ، فلو أنا فضحناها فرجمت فصرنا إلى الرجال . فأتيا ماء البيض فأتياها وهي ساجدة ، فكشفتا عن ثوبها ونضحتا في دبرها ماء البيض ، وصرختا : إنها قد بغت . وكان من زنى فيهم حدّه الرجم ، فرفعت إلى داود وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها ، فقال سليمان : ائتوا بنار ، فإنه إن كان ماء الرجال تفرق ؛ وإن كان ماء البيض اجتمع . فأتي بنار فوضعها عليه فاجتمع فدرأ عنها الرجم ، فعطف داود على سليمان فأحبه .
ثم كان بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه ، فقضى داود عليه السلام بالغنم لأصحاب الحرث فخرجوا وأخرجت الرعاة معهم الكلاب فقال سليمان : كيف قضى بينكم ؟ فأخبروه فقال : لو وليت أمرهم لقضيت بغير هذا القضاء . فقيل لداود عليه السلام : إن سليمان يقول كذا وكذا . فدعاه فقال : كيف تقضي بينهم ؟ فقال : أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وسلالها وألبانها ومنافعها ، ويذر أصحاب الحرث الحرث هذا العام ، فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث ودفعوا إلى هؤلاء الغنم .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { نفشت } قال : رعت .
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق سأله عن قوم { نفشت } قال : النفش ، الرعي بالليل . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد :
بدلن بعد النفش الوجيفا *** وبعد طول الحزن الصريفا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي شيبة وأحمد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه ، عن حرام بن محيصة ، أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطاً فأفسدت فيه ، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : «على أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار ، وإن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها » .
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن ناقة البراء بن عازب رضي الله عنه دخلت حائطاً لقوم فأفسدت عليهم ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : على أهل الحائط حفظ حائطهم بالنهار ، وعلى أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل ، ثم تلا هذه الآية { وداود وسليمان } الآية . ثم قال : نفشت ليلاً » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.