الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (46)

أخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم } قال : الذين قالوا : مع الله إله أو له ولد أو له شريك ، أو يد الله مغلولة ، أو الله فقير ونحن أغنياء ، أو آذى محمداً صلى الله عليه وسلم وهم أهل الكتاب . وفي قوله { وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم } قال : لمن يقول هذا منهم . يعني من لم يقل مع الله إله ، أو له ولد ، أو له شريك ، أو يد الله مغلولة ، أو الله فقيراً ، وآذى محمداً صلى الله عليه وسلم .

وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } قال : إن قالوا شراً فقولوا خيراً { إلا الذين ظلموا منهم } فانتصروا منهم .

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم } قال : لا تقاتلوا إلا من قاتل ولم يعط الجزية ، ومن أدى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسناً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } قال : بلا إله إلا الله .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في الآية قال : { بالتي هي أحسن } قولوا { آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون } فهذه مجادلتهم بالتي هي أحسن .

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } قال : نهى عن مجادلتهم في هذه الآية . ثم نسخ ذلك فقال { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر . . . } ولا مجادلة أشد من السيف .

وأخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإِسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا { آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون } » .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : كانت اليهود يحدثون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيسبحون كأنهم يعجبون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا { آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون } » .

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن سعد وأحمد والبيهقي في سننه عن أبي نملة الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال لجنازة : أنا أشهد أنها تتكلم .

فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنا بالله وكتبه ورسله ، فإن كان حقاً لم تكذبوهم ، وإن كان باطلاً لم تصدقوهم » .

وأخرج البيهقي في سننه وفي الشعب والديلمي وأبو نصر السجزي في الإبانة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق ، والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني » .

وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا أنفسهم » .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، لتكذبوا بحق وتصدقوا بباطل . فإن كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه .