إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (46)

{ لاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب } من اليَّهودِ والنَّصارَى { إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ } أي بالخصلة التي هي أحسنُ كمقابلةِ الخشونةِ باللِّينِ والغضبِ بالكظمِ والمشاغبةِ بالنُّصحِ والسَّورةِ بالأَناة على وجهٍ لا يدلُّ على الضَّعفِ ولا يُؤدِّي إلى إعطاءِ الدَّنيةِ وقيل : منسوخٌ بآيةِ السَّيفِ { إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } بالإفراطِ في الاعتداءِ والعنادِ أو بإثباتِ الولدِ وقولِهم : يدُ الله مغلولةٌ ونحوِ ذلك فإنَّه يجبُ حينئذٍ المُدَافعةُ بما يليقُ بحالِهم { وَقُولُواْ آمَنَّا بالذي أُنزِلَ إِلَيْنَا } من القُرآنِ { وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } أي وبالذي أُنزل إليكُم من التَّوراةِ والإنجيلِ وقد مرَّ تحقيقُ كيفيَّةِ الإيمانِ بهما في خاتمةِ سورةِ البقرةِ . وعن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ : ( لا تُصدِّقوا أهلَ الكتابِ ولا تكذِّبُوهم وقولُوا آمنَّا بالله وبكتبِه ورسلِه فإنْ قالُوا باطِلاً لم تصدِّقوهم وإنْ قالُوا حقّاً لم تكذِّبُوهم ) { وإلهنا وإلهكم وَاحِدٌ } لا شريكَ له في الأُلوهيَّةِ { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } مُطيعونَ خاصَّة وفيه تعريضٌ بحالِ الفريقينِ حيثُ اتَّخذوا أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً من دُونِ الله