وقوله تعالى : { وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ } [ العنكبوت : 46 ] .
هذه الآية مَكيةٌ ، ولم يكن يومئذٍ قتالٌ ، وكانتِ اليهودُ يومئذٍ بمكة وفيما جاورها ، فربما وقع بينهم وبين بعض المؤمنين جدالٌ واحتجاجٌ في أمر الدينِ وتكذيب فأَمر اللّه المؤمنين ألا يجادلوهم إلا بالتي هي أحسن دعاءً إلى اللّه تعالى وملاينةً ، ثم استثنى من ظلم منهم المؤمنين وحصلت منه أذية فإن هذه الضيفة استُثْنِيَ لأهل الإسلام معارضَتُهَا بالتغيير عليها ، والخروج معها عن التي هي أحسن . ثم نُسِخَ هذا بَعْدُ بآية القتال وهذا قول قتادة وهو أحسن ما قيل في تأويل الآية .
( ت ) : قال عز الدين بن عبد السلام في «اختصاره لقواعد الأحكام » فائدة : لا يجوز الجدالُ والمناظرةُ إلا لإظهار الحقِّ ونُصْرَتِهِ ليُعْرَفَ ويُعْمَلَ به ، فمن جادل لذلك فقد أطاع ، ومن جادَلَ لغرضٍ آخر ، فقد عصى وخَابَ ، ولا خير فيمن يتحيَّلُ لِنُصْرَةِ مذهبه مع ضعفه وبُعْدِ أدلته من الصواب ، انتهى .
تنبيه : رَوَى الترمذيُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ : ( الحَيَاءُ وَالْعِيُّ : شُعْبَتَانِ مِنَ الإيمَانِ ، والبَذَاءُ وَالبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النَّفَاقِ ) .
وروى أبو داود والترمذيُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنَّ اللّهَ يَبْغَضُ البَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ البَقَرَةُ بِلِسَانِهَا ) حديث غريب ، انتهى .
وروى أبو داودَ عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الكَلاَمِ لِيَسْبِيَ بِه قُلُوبَ الرِّجَالِ ، أَوِ النَّاسِ لَمْ يَقْبَلِ اللّهُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَرْفاً وَلاَ عَدْلاً ) انتهى .
وقوله تعالى : { وَقُولُوا آمَنَّا } ، قال أبو هريرة : كان أهل الكتاب يقرأون التوراةَ بالعبرانيةِ ويفسرونها بالعربية للمسلمين ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُم ) ، وقُولُوا : { آمَنَّا بالذي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وإلهنا وإلهكم وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } ) .
وَرَوَى ابنُ مسعود أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ( لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ ، فَإنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوْكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا : إمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ ، وإمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.