النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (46)

قوله تعالى : { وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أن { الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } قول لا إله إلا الله ، قاله ابن عباس .

الثاني : الكف عنهم عند بذل الجزية منهم وقتالهم إن أبوا ، قاله مجاهد .

الثالث : أنهم إن قالوا سراً فقولوا لهم خيراً رواه ابن أبي نجيح .

ويحتمل تأويلاً رابعاً : وهو أن يحتج لشريعة الإٍسلام ولا يذم ما تقدمها من الشرائع .

{ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمُ } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : أنهم أهل الحرب ، قاله مجاهد .

الثاني : من منع الجزية منهم ، رواه خصيف .

الثالث : ظلموا بالإقامة على كفرهم بعد قيام الحجة عليهم ، قاله ابن زيد .

الرابع : ظلموا في جدالهم فأغلظوا لهم ، قاله ابن عيسى .

واختلف في نسخ ذلك على قولين :

أحدهما : أنها منسوخة ، قاله قتادة .

الثاني : أنها ثابتة .

{ وَقُولُوا َآمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلِيْكُمْ } الآية ، فروى سلمة عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية فيفسرونها بالعربية لأهل الإٍسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتابِ وَلاَ تُكَذِّبُوهُم { وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } إلى قوله {[2154]}{ مُسْلِمُونَ } " أي مخلصون وفيه قولان :

أحدهما : أنه يقوله لأهل الكتاب ، قاله مجاهد .

الثاني : يقوله لمن آمن ، قاله السدي .


[2154]:رواه البخاري وأحمد وابن حبان وابن أبي شيبة وأبو يعلى والطبراني.