الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (46)

{ بالتى هِىَ أَحْسَنُ } بالخصلة التي هي أحسن : وهي مقابلة الخشونة باللين ، والغضب بالكظم . والسورة بالأناة ، كما قال : { ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ } [ المؤمنون : 96 ] ، { إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ } فأفرطوا في الاعتداء والعناد ولم يقبلوا النصح ولم ينفع فيهم الرفق . فاستعملوا معهم الغلظة ، وقيل : إلا الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقيل إلا الذين أثبتوا الولد والشريك وقالوا : يد الله مغلولة . وقيل : معناه ولا تجادلوا الداخلين في الذمّة المؤدّين للجزية إلا بالتي هي أحسن ، إلا الذين ظلموا فنبذوا الذمّة ومنعوا الجزية ، فإن أولئك مجادلتهم بالسيف . وعن قتادة : الآية منسوخة بقوله تعالى : { قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر } [ التوبة : 29 ] ولا مجادلة أشد من السيف : وقوله : { وَقُولُواْ ءامَنَّا بالذى أُنزِلَ إِلَيْنَا } من جنس المجادلة بالتي هي أحسن . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : « ما حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدّقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله ، فإن كان باطلاً لم تصدّقوهم ، وإن كان حقاً لم تكذبوهم » .