ولما بين تعالى طريقة إرشاد المشركين بين طريقة إرشاد أهل الكتاب بقوله تعالى : { ولا تجادلوا أهل الكتاب } أي : اليهود والنصارى ظناً منكم أنّ الجدال ينفع أو يزيد في اليقين أو يردّ واحداً عن ضلال مبين { إلا بالتي } أي : بالمجادلة التي { هي أحسن } كمعارضة الخشونة باللين ، والغضب بالكظم والدعاء إلى الله تعالى بآياته والتنبيه على حججه كما قال تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن } ( المؤمنون ، 96 ) { إلا الذين ظلموا منهم } بأن حاربوا وأبوا أن يقروا بالجزية فجادلوهم بالسيف إلى أن يسلموا أو يعطوا الجزية ، وقيل : إلا الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل إلا الذين أثبتوا الولد والشريك وقالوا يد الله مغلولة ، وعن قتادة : الآية منسوخة بقوله تعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } ( التوبة : 29 ) ولا مجادلة أشدّ من السيف .
ولما بين تعالى عن موجب الخلاف أمر بالاستعطاف بقوله تعالى : { وقولوا } أي : لمن قبل الإقرار بالجزية إذا أخبروكم بشيء مما في كتبهم { آمنا بالذي أنزل إلينا } أي : من هذا الكتاب المعجز { وأنزل إليكم } من كتبكم أي : لأنه في أصله حق وإن كان قد نسخ ، منه ما نسخ وإن حدثوكم بشيء منه وليس عندكم ما يصدقه ولا ما يكذبه فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، لما روى أبو داوود أنه صلى الله عليه وسلم قال : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله فإن قالوا باطلاً لم تصدقوهم وإن قالوا حقاً لم تكذبوهم » أي : فإن هذا أدعى إلى الإنصاف وأنفى للخلاف .
ولما لم يكن هذا جامعاً للفريقين أتبعه بما يجمعه بقوله تعالى : { وإلهنا وإلهكم واحد } أي : لا إله لنا غيره ، وإن ادّعى بعضكم عزيراً والمسيح { ونحن له } خاصة { مسلمون } أي : خاضعون منقادون أتم انقياد فيما يأمرنا به بعد الأصول من الفروع سواء كانت موافقة لفروعكم كالتوجه بالصلاة إلى بيت المقدس ، أو ناسخة كالتوجه إلى الكعبة ولا نتخذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله لنأخذ ما يشرعونه لنا مخالفاً لكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.