الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح قال : " قال المسلمون يا رسول الله بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا . كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وكفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه . أجدع أنفك ، اجدع أذنك ، افعل كذا وكذا . فسكت . فنزلت هذه الآيات { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } إلى قوله { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير من ذلكم ثم تلا هؤلاء الآيات عليهم " .

وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك في قوله { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } قال : التكبيرة الأولى .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { وسارعوا } يقول : سارعوا بالأعمال الصالحة { إلى مغفرة من ربكم } قال : لذنوبكم { وجنة عرضها السموات والأرض } يعني عرض سبع سموات وسبع أرضين ، لو لصق بعضهم إلى بعض فالجنة في عرضهن .

وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس في الآية قال : تقرن السموات السبع ، والأرضون السبع كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض . فذاك عرض الجنة .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كريب قال : أرسلني ابن عباس إلى رجل من أهل الكتاب أسأله عن هذه الآية { جنة عرضها السموات والأرض } فأخرج أسفار موسى ، فجعل ينظر قال : سبع سموات وسبع أرضين تلفق كما تلفق الثياب بعضها إلى بعض ، هذا عرضها ، وأما طولها فلا يقدر قدره إلا الله .

وأخرج ابن جرير عن التنوخي رسول هرقل قال : " قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل وفيه : إنك كتبت تدعوني إلى { جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين } فأين النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله . . . ! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ " .

وأخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت قوله { جنة عرضها السموات والأرض } فأين النار ؟ قال : أرأيت الليل إذا لبس كل شيء فأين النهار ؟ قال : حيث شاء الله قال : فكذلك حيث شاء الله " .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب ، أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن جنة عرضها السموات والأرض فأين النار ؟ فقال عمر : إذا جاء الليل فأين النهار ؟ وإذا جاء النهار أين الليل ؟ فقالوا : لقد نزعت مثلها من التوراة .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن يزيد بن الأصم أن رجلا من أهل الأديان قال لابن عباس : تقولون { جنة عرضها السموات والأرض } فأين النار ؟ فقال له ابن عباس : إذا جاء الليل فأين النهار ؟ وإذا جاء النهار فأين الليل ؟ .

وأخرج مسلم وابن المنذر والحاكم وصححه عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : " قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض فقال عمير بن الحمام الأنصاري : يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض ؟ قال : نعم . قال : بخ بخ . . . . لا والله يا رسول الله لا بد أن أكون من أهلها قال : فإنك من أهلها . فأخرج تميرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة . فرمى بما كان معه من التمر ، ثم قاتلهم حتى قتل " .