الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَقَالَ رَجُلٞ مُّؤۡمِنٞ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَكۡتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَآءَكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن يَكُ كَٰذِبٗا فَعَلَيۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن يَكُ صَادِقٗا يُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ كَذَّابٞ} (28)

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن في آل فرعون مؤمن غيره ، وغير امرأة فرعون ، وغير المؤمن الذي أنذر موسى عليه السلام ؛ الذي قال : « أن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك » قال ابن المنذر أخبرت أن اسمه حزقيل .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي إسحاق رضي الله عنه قال : كان اسم الرجل الذي آمن من آل فرعون حبيب .

وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه من طريق عروة رضي الله عنه قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط ، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولوى ثوبه في عنقه ، فخنقه خنقاً شديداً ، فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبيه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم . ثم قال { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } .

وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : « ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً كان أشد من أن طاف بالبيت ضحى فلقوه حين فرغ ، فأخذوا بمجامع ردائه وقالوا : أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا ؟ قال : أنا ذاك . فقام أبو بكر رضي الله عنه فالتزمه من ورائه ، ثم قال { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب } رافعاً صوته بذلك وعيناه يسحان حتى أرسلوه » .

وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشي عليه . فقام أبو بكر رضي الله عنه ، فجعل ينادي ويلكم { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله } قالوا : من هذا ؟ قال : هذا ابن أبي قحافة .

وأخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، نحوه .

وأخرج البزار وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس أخبروني بأشجع الناس ؟ قالوا : أنت . قال : لا . قالوا : فمن ؟ قال : أبو بكر رضي الله عنه . لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش . هذا يحثه ، وهذا يبلبله ، وهم يقولون : أنت الذي جعلت الآلهة إلهاً واحداً قال : فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر رضي الله عنه ، يضرب هذا ، ويجاهد هذا ، وهو يقول { ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله } ثم رفع علي رضي عنه بردة كانت عليه ، فبكى حتى أخضلت لحيته ، ثم قال : أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر رضي الله عنه خير من مؤمن آل فرعون ؟ ذاك رجل يكتم إيمانه ، وهذا رجل أعلن إيمانه .